Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

أسلمة المنطق؛ الأورغانون الأرسطي بين يدي الغزالي

المؤلف : عبد الكريم عنيات

الناشر : دار ضفاف؛ بيروت 2014

موضوع هذا الكتاب يتعلق بشكل تفصيلي بموقف الغزالي من منطق أرسطو.

ولذلك أثار المؤلف مجموعة من الأسئلة الجوهرية حول ذلك : ما هو موقف الغزالي من منطق أرسطو؟ وهل هذا الموقف منسجم ومتسق مع الخيط الفكري العام لفلسفته؟ هل كان موقف الغزالي من منطق أرسطو موقفا ابستومولوجيا صارما في معرفيته أم أنه موقف عقائدي يفتقر للنظر الفاحص الناقد، وبذلك يسير في نهج الفقهاء حراس العقيدة بأي ثمن وبأية وسيلة؟ كيف يمكن أن يستقيم موقف الغزالي من المنطق وهو الذي تسلق على الفلسفة وعلم الكلام كعلوم عقلية في جوهرها، ليتوجه صوب علم عملي وذوقي لا حاجة له لمنطق أو منهج أو برهان؟

« هذا يشكل جهة، وفي الجهة الأخرى نجد مقولة الغزالي في «المستصفى» حول ربط الثقة بالعلم مهما كان مرهونا بمعرفة المنطق التي تدل على اشتراطه لهذا العلم البرهاني؟ كيف لنا أن نستصفي موقف الغزالي في خضم كل هذه الدروب المتشابكة غير المستوية؟ وأخيرا هل يمكن القبض على موقف الغزالي من المنطق الأرسطي في ظل لا - انتمائه المؤقت؟». ومن أجل الاشتغال على هذه الأسئلة وما يتبعها؛ لجأ المؤلف إلى استعمال المنهج التحليلي الذي يقتضي التعامل مع النصوص الأصلية وتفكيكها من أجل الحصول على معناها البسيط والأولي، ومن أجل رد الأفكار المركبة والمعقدة إلى عناصرها الأصلية زمنيا ومنطقيا. «كذلك فإن استعمال منهج التركيب مسألة ضرورية بعد كل تحليل، هذا التركيب الذي يساعدنا كثيرا على إنجاز أحكام تتميز بالجدة والأصالة، لأن إنجاز النصوص الجديدة هو في أصله عملية تركيبية لا غير. كما أن عملية المقارنة بين الأفكار المتباعدة زمنيا ومكانيا قد تتيح لنا فرصة استنتاج ظاهرة تناقل المعرفة وحركتها، مما يكشف عن مدى اتساع رقعة التفكير وتفاعله حضاريا، عكس الاعتقاد الذي يجعل المعرفة تلد وتموت في مسقط رأسها. «.

ويختم المؤلف دراسته قائلاً : «لقد رسم الغزالي منهجه الفكري وتطوره الروحي في الكتيب الصغير من حيث الحجم والكبير من حيث المضمون، وهو «المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال» الذي يحوي ما يحوي من الفلسفة دون أي مبالغة، هو الكتاب الذي يُعلِم درسا منهجيا لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال. فكل فلسفة أصيلة سواء قديمة أو حديثة أو معاصرة قد سلكت هذا المنطلق وهو الشك المنهجي لا المذهبـي؛ إن تجربة الغزالي كما يرويها هو من أشهر التجارب الفلسفية والاعترافات الفكرية المسجلة في تاريخ الفلسفة سواء عند الغرب أو العرب.