Saturday 13/12/2014 Issue 455 السبت 21 ,صفر 1436 العدد

الحجاب:كاتبات يروين تاريخه وتقاليده وأبعاده السياسية

المؤلف: مجموعة كاتبات

تحرير : جنفر هيث

ترجمة : مها حسين بحبوح

الناشر : قدمس؛ بيروت 2014

عُرِفَ الحجاب، بمعنى تغطية النساء والرجال والموضوعات والأمكنة المقدسة، في أوساط شعوب تنتمي إلى ثقافات وديانات مختلفة منذ عصور موغلة في القدم. نجد مع ذلك أن الحجاب لا يزال عرضة لسوء فهم كبير. كان هناك زمن اعتُبر فيه الحجاب، في كل مكان وبكل مظاهره المتعددة، أمراً مسلّماً به إلى حد ما، أقله بما هو تعبير كامل عن الأسرار المقدسة. أما الآن، فقد أصبح الحجاب نقطة استقطاب عالمي، أصبح موقع النزاع بين الإسلام والغرب وبين التفسيرَيْن المعاصر والتقليدي للإسلام. لكن فكرة الحجاب تعود إلى زمن سابق لظهور الإسلام كما أنه ينتشر في أماكن تتجاوز حدود الشرق الأوسط.

وهذه الدراسة الإثنوغرافية تسعى إلى تقديم صورة شاملة عن الحجاب وذلك من خلال استكشاف وتفحص بعض ما يرتبط به من ثقافات وسياسات وسرديات، والتذكير بشموليته وقدم وجوده واستخداماته وسوء استخداماته. وهي دراسة جماعية حيث تقوم «إحدى وعشرون» كاتبة وباحثة وفنانة ومؤرخة، يمثلن مختلف المجتمعات والديانات والأعمار والأمكنة والإنجازات والمواقف، بشرح الحجاب وتفنيده وإدانته ومديحه، حيث يعالجن القضايا والمسائل العويصة المعاصرة، كالحشمة والأمان والقمع والتحّرر وحرية التعبير والعبادة، إضافة إلى الروحانيات والفنون .

قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة أجزاء :

الجزء الأول : تتحدث فصوله عن الحجاب (في الإسلام والمسيحية واليهودية والهندوسية وغيرها من العقائد) فيما يخص أبعاده الدينية، وليس بوصفه كينونة ثابتة، بل من حيث كونه عادة قديمة تجري مراعاتها باعتزاز أو رمزًا للتقوى. كما تدرس الأساليب المتعددة التي مارس فيها الحجاب، منذ بدء التاريخ الإنساني، دورًا في الأنشطة الدينية والفكر الديني. وتتحدث أيضاً عن الحجاب في التقاليد السابقة للمرويات الإبراهيمية، وعن ارتداء الأقنعة وعن ديانات السحر، لأن ما تنطوي عليه القداسة يتجاوز ما هو موجود بالضرورة في هذه الديانات.

ويتناول الجزء الثاني الحجاب من جوانبه الحسية من حيث ارتباطه بالمادي، بالجسد / الروح، وبالمشاعر. وتتنوع فصول هذا الجزء بين مقال شيرين مالك الذي يحمل عنوان «رفعت ذراعيها ورفرفت بهما في الهواء»، وهو دراسة دقيقة للكيفية التي تحولت بها رقصة سالومي بغلالاتها السبع إلى ايقونة سيئة الصيت للشهوانية وللنساء الشرقيات (وبالتالي للرقص البلدي) ، والمقال الذي يروي ذكريات ميشيل ورباخ في صراعها مع التزمت اليهودي، والذي يحمل عنوان «الحشمة هي الحد الفاصل»، ومقال ريتا اسطفان «الفضيلة والإثم» الذي تصف فيها الضغوط (والمباهج) الاجتماعية والأخلاقية والثقافية التي تواجهها امرأة مسيحية عربية خلال نشأتها في سورية التي تضم أغلبية مسلمة. ويعكس المقاَلْين البصريين اللذين أسهمت بهما الروايتان التصويريتان مارجين ساترابي وسارة سبل، تجارب شخصية مع الحجاب؛ في حين تتبنى فصول أخرى مقاربًة شاملة استقصائية للموضوع.

أخيرا، يقارب الجزء الثالث الحجاب من جوانبه السياسية - الاجتماعية. في هذا الجزء، تتناول المقالات على وجه العموم، بعَض الآفات المعاصرة التي ابتلي بها الحجاب كما تتناول تاريخه عبر تجاذبات الصراع الداخلي والخارجي؛ فيعرض مقال اشرف زاهدي «إخفاء شعر الأنثى وكشفه» تاريخاً موجزًا وتحليًلا للتحجب والسفور في إيران بدءًا من عصر الإمبراطورية الإخمينية الفارسية (حوالي 330 - 500 قبل التاريخ السائد/ ق ت س) لغاية العصر الحالي، كما يقدم مقال ساترابي البصري «الحجاب المقتَبس» عن روايتها التصويرية «برسيبوليس» التي تحكي فيها سيرتها الذاتية، رؤيًة صميمية ومؤثرة تتناول معنى الثورة الإسلامية التي حصلت في إيران عام 1979 من منظور طفلة صغيرة عندما ُفرض الحجاب على كل الإناث، بمن فيهن الطفلات. وفي مقال «القصة الكاملة»، تتحدث روكسان كاماياني غوبتا، عن رحلتها الاستكشافية الوجدانية إلى الهند، في عالم الساري، وفي مقال «البُرده والبطريركية والشمس الاستوائية» تدرس جاسبر جين التمييز ضد المرأة الهندية من منظور براغماتي (ذرائعي، نفعي) وأدبي وسوسيولوجي.