لم ننجح كسعوديين في تجربتنا الديمقراطية المصغرة في جلب كادر إداري لتلك المؤسسات التي اختارت الانتخاب أسلوباً لتشكيل طاقمها الإداري، ولعل من أشهرها الأندية الأدبية والمجالس البلدية.
في هذا المقال نحن معنيون بالأندية الأدبية كونها الحاضر الأبرز في مشهدنا الثقافي المحلي المتخاذل، ولعل أغلب من جاؤوا من خلال هذه الأصوات لم يكونوا يوماً أصحاب شخصيات ثقافية مستقلة بالمعنى الذي يجب أن تكون عليه الشخصية الثقافية، وأعني بالشخصية الثقافية هي تلك الشخصية المتجردة من كل القيود الاجتماعية والتي لا تحمل بُعداً إيديولوجياً تتحرك من خلاله سواء كان ذلك البعد مناطقياً أو عرقياً، حيث إن الاستقلالية والتجرُّد للعمل الثقافي هو أهم خصائص الشخصية التي تعمل في المجال الثقافي «صانع القرار الثقافي».
يجب أن نعترف وبكل شجاعة أن التجربة الديمقراطية في الأندية قد فشلت فشلاً ذريعاً ولعل واقع تلك الأندية الذي تعصف به الاستقالات والتراشقات البدائية وتقاذف التهم خير شاهد على ذلك.
لم يجلب لنا الخيار الديمقراطي المصغر قيادات ديمقراطية، بل إن كثيراً من الأسماء التي حظيت بالترشح، وتقلد تلك المناصب هي بالحقيقة أسماء جاءت عن طريق العلاقة الرابطة بينها وبين المجالس العمومية من خلال الفزعة والنخوة والتوسلية الاجتماعية أو ما يُسمى بـ»ديمقراطية الصحراء».
والعتب على تلك الأسماء المنتخبة أنها قاصرة عن صنع حراك ثقافي ذي بعد مستقبلي قائم على برامج تثقيفية طويلة المدى أو على صنع حدث ثقافي يخلق أجواء ثقافية متعددت المصادر والمنطلقات.
التعيين المباشر للقيادات في الأندية الأدبية قد يصنع شيئاً من الجمود والنخبوية ولكن الحال سيكون أفضل مما هو عليه إذا كان ذلك التعيين لأسماء علمية وثقافية غير صاعدة ولا متوسلة والشق سيزداد كثيراً حال وصلت التجربة الديمقراطية إلى مجلس الشورى.. المجتمعات العربية ذات الطابع القبلي تمارس ديمقراطية مقنعة والحل الوحيد في رفع مستوى الوعي هو المزيد من التثقيف لتلك الشعوب حتى تعي المعنى الحقيقي لمقاصد الترشيح المجتمعي والذي يحمل طابعاً نفعياً خدمياً مباشراً متجرداً!