تخيل أن يزورك في منامك ثلاثة قرودٍ، يرتدي أحدها لباسًا أزرق من النوع الذي يرتديه عمال البناء، وآخر باللون الأحمر وثالثها يرتدي لباسًا أصفر، ولاحظ أنها تلتزم بالألوان الثلاثة الأساسيةِ، كأنها توحي إليك بوعيها الفني! قد تحاول في يقظتك أن تحلّلَ الرسالة التي يريد عقلك الباطن أن يوصلها إليك: لا ترَ شرًا، لا تسمع شرًا، ولا تقل شرًا. لعل القرود الثلاثة نسخةٌ غريبةٌ بعض الشيء من الفرسان الثلاثةِ، والعكس بالعكس صحيحٌ أيضًا، فكل منهم حكيمٌ بطريقته، أليس كذلك؟
يتكرّر الرقمُ ثلاثة في القصصِ الشعبيةِ والحكاياتِ وقد يحتل الصدارة على بقية الأرقام، فحبّات جاك السحرية كانت ثلاثًة، وأمنياتُ سندريلا ثلاثةً، وماردُ علاءِ الدينِ يحقق ثلاثًا من أحلامك، والدببةُ التي تضايقت من جولديلوكس ثلاثة، والعنزاتُ التي حاربتِ الغولَ أو تلك التي واجهتِ الذئبَ دفاعًا عن بيوتها كانت ثلاثة، كما أن الأخواتِ في حكاية الحسناء والوحشِ والأخواتِ في حكاية فتاة الملح كان عددهنّ ثلاثةً في كلٍ، والإخوة في حكايات جريم ثلاثةٌ أيضًا، بالإضافة إلى القرود الحكيمة والفرسان!
يمنح الرقم ثلاثة الحكاياتِ شيئًا من الرحابةِ فيخلصها من فردية الرقم واحد التي قد توحي بحالة خاصة لا تتكرر، ومن حدّية الرقم اثنين حين تشير إلى طرفين لا ثالثَ لهما، ولهذا سمّى فيثاغورث الرقم ثلاثة بالرقم الكامل لأنه يشمل البداية والمنتصف والنهايةِ، كما أنه رقمٌ حكيمٌ إن رأيته في منامك فسيكون عليك أن تلتزم الصمتَ، واحذرِ الحديثَ في المحظوراتِ الثلاثةِ خاصة تسلمْ!
يقف الرقم ثلاثة متمثلاً بيوم الثلاثاء مثل شرطيِ مرورٍ في منتصفِ أيّامِ الأسبوع، فيجعلُ ثلاثةً منها تقف على رصيف، وثلاثةً أخرى على الرصيفِ المقابل بانتظامٍ ودون حوادث ودون الحاجة إلى «ساهر»، بالمناسبة ألوان إشارة المرور ثلاثةٌ أيضًا! كما يمكن له أن يكون حاسمًا فينهي حياةً مشتركةً بين اثنين دون أن يسمح برسمِ أيِ خطٍ للرجعةِ. وقد كان في لغز أبو الهول الذي طرحه على أوديب قبل دخوله أرضِ طيبة يشير إلى قرب انتهاء حياةِ الإنسان حين يستعين بثلاثةِ أرجلٍ في مشيه، ولا تنسَ نهايةَ العالمِ التي يشعرك بها العالم الثالث، والنهاية هنا ليست تلاشيًا وفناءً بالضرورة -رغم أن الأمرَ لا يخلو منهما- لكن المقصودَ بها القمة، قمةَ التخلف، مثلما أن قمةَ الجبل هي نهايته التي ترفع عليها علمًا يشير إلى وصولك إليها. لا حاجة أن تفعل ذلك في قمتنا! من الجميل أن نتفوق على الآخرين في أمرٍ ما، أليس كذلك؟!
«لا أريدُ أن أكونَ غنيةً
لا أريدُ أن أكونَ فقيرةً
أريدُ فقط أن أكونَ مارليس»
** ** **
مارليس- يوسفينا كابتاين- طفلة في الصف الرابع الابتدائي