دعوني أيها القراء، أتناول معكم تشريح هذه الجثة إن أذنتم، نحتاج إلى سرير من ورق، وإلى طاولة صغيرة عليها بعض الأفكار، وطاولة أخرى، ليست بالأصغر حجماً، توجد عليها أدواتي الخاصة في التشريح، الأداة الأولى: الكلمات، والأداة الأخيرة: الكلمات أيضاً، عذراً لتواضع أدواتي، أنا لا أملكِ سوى القلم، ولكن ساعدوني، لكي نعثر على دليلٍ جنائي، وبالتالي، نعرف لمن نوجه أصابع الاتهام!
صاحب الجثة: المسرح التعليمي.
نوع الحالة: مقتول إلى حد ما
في حادثٍ يشتبه أنه مشتبه
هناك بعض القواعد المهمة في التشريح الجنائي، الأهم منها معرفة أن الإبداع هو روح المسرح، وكل الفنون الحية الأخرى، الإبداع يحتاج إلى متلق جيد قبل الحاجة إلى ملقٍ ممتاز، الإبداع يحتاج إلى أبّ محترف وأم راعية!، الإبداع لا يتنفس بشكل طبيعي إلا في مجتمع طبيعي، الإبداع يحتاج إلى إعلام مثقف، وليس إلى إعلام شعبي أو حكومي، الإبداع لا يحتاج إلى قوانين، لأن لبّه الخروج عن المألوف، وهذا ما لا يفقهه كثير من المألوفين!!!
لعلنا اقتربنا من تصور أسباب القتل غالباً، فإما أن صاحب الجثة (المسرح التعليمي) لم يجد متلقيا جيدا، أو أنه نشأ يتيماً مما شكل له أزمة نفسية دفعته للانتحار، أو أنه ولد في أحضان مجتمع غير طبيعي، أو أنه لم يجد إعلاماً مثقفاً يروجه للناس، أو اعترض سيره قطار الآراء التي لا تلتزم بالأنظمة المرورية الحديثة، أو أنه تعرض لكل ما سلف ذكره .... وأكثر!
لنبدأ التشريح، الخطوة الأولى، محاولة معرفة الأداة التي قتل بها المسرح التعليمي، هل ترون شيئاً ؟، طبعاً، لا يمكن أن ترون وصاحب الجثة (المسرح المدرسي) هيكل عظمي، حتى أن هناك أجزاء من هذا الهيكل، قد غادرت منذ زمن بعيد!
إن كان المسرح التعليمي في غرفة التشريح على حد زعمي، فإن المسارح الأخرى في العناية المركزة .. هذا إن لم يغادر بعضها إلى ثلاجة الموتى!