في آخر أيامه رحلت الرغبة لدية في فعل أي شيء. روحه خواء كبيت صامت تحفه أشجار كسولة.. يكتفي بأن يسكن عينيه في مناظر يعتقد أنها جميلة.. يرهف سمعه لأصوات النساء. يقول بأنها موسيقى، وظل هكذا حتى وجدته في يوم من الأيام نائما بجانب باب بيته ,هزيل كجريد النخل لا يتحرك إلا حين يبحث في وجوه الناس عمن لقية في أحلامه..!
وحين رآني قال لي:
- كم هو مقفر هذا الشارع اختفت منه أصوات النساء ، شد على يدي و كأنه طيف:
- الذكريات كثيرة تحاول خدش عزلتي.
في المستشفى ينظر من غير عينين يتحرك بلا جسد ,حيث رائحة الكحول تسيل عبر الممرات تخنق الغرف.. يحب النظر من النافذة. الشارع فقير وحوله المباني كالهذيان من غير ملامح..
من المؤكد أنه يعلم منذ زمن أنه مجنون. أقتربت منه وعلى وجهه آثار لقاءات كثيرة..
- من هنا أرى بيتي يرقد على الماء لذلك كنت أخشى الدخول إلية فأغرق.
- اتركني الآن أود كتابة قصيدة.
تركته وقلت في نفسي: لعله يكتب ؛ فينسى جنونه ، أو يبدأ جنونه!