كانوا مندفعين فوجب علينا أن نكون متبصرين
تلك هي خطة العمل التي آلت إليها ظروفنا مع الصحوة، حيث كان الحشد الصحوي جياشاً وغير قابل للسيطرة سوى بالحيلة العقلية فحسب، إدراكاً منا لقلة عددنا وانكشاف ظهرنا، وبما إننا أخذنا جانب الحكمة في رد الفعل، فإنّ الحشد الصحوي أخذ راحته في امتلاك الفضاء الاجتماعي، وهذا أدى إلى أمرين، أولهما أنّ قوة الصحوة صارت جبروتاً رمزياً مما حفز كل القوى المخالفة لها، وكأنما أيقظ النائم من رقدته، وهذا أدخل عناصر للحراك الثقافي كانت غير مهتمة من قبل، ومن هنا تيقظت العيون على الحداثة وعلى الصحوة معاً، توجساً في حين وتحزباً لإحداهما حيناً آخر، مما خلق تيارات مصاحبة، والثاني أن حشودية الصحوة تفتقت عن خلافات داخلية حوّلت الصحوة إلى صحوات وجاءت مصطلحات السروري والجامي والإخواني وكأنما هي ردائف للصحوة وليست مجرد تشكيلات داخلية، وهنا بدأ شيء من التنوّع من داخل حشود الصحوة، مثلما تحركت القوى الأخرى ملتفتة للصحوة، خاصة الأوساط الصحفية وكتّاب المقالات، واتضح أن الصحوة ليست كتلة واحدة ، ولقد آل هذا إلى نوع من التفاعلية بين أطراف تختلف في التصورات ( الصحوة والحداثة والكتل الأخرى) أهمها هو إدراك كل طرف من الأطراف أنه ليس المالك المطلق للصوت ولا للمنصات، وستدخل الأطراف كلها لاحقاً لمرحلة (الما بعد) تسليماً وليس اختياراً، ولكن الصراع لن يتوقف والصوت الأعلى سيظل من نصيب طرف أكثر من الآخرين بسبب قوة المثابرة، وبسبب الزيادة العددية التي ظلت تميل لكفة الصحوة. وسنواصل التوريق عن مزيد من علامات الصحوة بعد الإجازة بحول الله.