الأمير مساعد بن عبدالرحمن الفيصل أخ لصاحب الجلالة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – له مساهمات ثقافية مبكرة تركت أثراً لا ينسى في العاصمة الرياض، وله الفضل في تأسيس أول مكتبة عامة في جزء من منزله بين حلتي (الحلة والدحو) شمال شرق الرياض القديمة عندما كان يحيطها سور كالسوار بالمعصم وكل مبانيها مبنية بالطين واللبن، وكان منزله بجوار مسجد الشيخ صالح وقد نقل مكتبته إلى منزله الجديد بالشميسي فيما بعد.
ويذكر المعمرون من طلبة العلم أن هذه المكتبة تفتح أبوابها من حوالي عام 1363هـ لكل من يريد الاطلاع على كل جديد من الكتب الثقافية المنوعة، وكان القيم عليها الشيخ عبدالرحمن بن قاسم، ثم تناوب على إدارتها ابنه محمد بن قاسم ثم زيد بن فياض..
وقد ذكر الأستاذ عبدالكريم الجهيمان – رحمه الله – أن بعض طلبة العلم يحرصون على التواجد بها قبيل صلاة الظهر ليتسنى لهم مشاركة الأمير طعام الغداء – لأن الأمير يدعو جميع من في المكتبة لذلك، وأن المكتبة استمرت إلى منتصف السبعينيات حيث افتتحت أول مكتبة للعموم في الرياض.
ويذكر الأستاذ والمؤرخ عبدالرحمن الرويشد أن الأمير يحرص على تزويد المكتبة بكل جديد حال صدوره. وأن إعلاناً قد ألصق بمدخل المكتبة – عام 1365هـ ذكر فيه: يوجد في هذه المكتبة كتاب يسمى (هذه هي الأغلال) لعبدالله بن علي القصيمي فمن أراد أن يطلع عليه ويرد على ما جاء فيه فليطلبه من أمين المكتبة. وكان الأمير مساعد يجلس بالمكتبة ويتناقش مع روادها.
وذكر الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه (مساعد بن عبدالرحمن): أن من بين رواد المكتبة حمد الجاسر ومحمد البليهد وعبدالله فلبي، ورشدي ملحس وعبدالله خياط وعبدالرحمن القويز وعبدالكريم الجهيمان.
وقال عنه الشبيلي: ان الأمير مساعد متقدم على عصره بعدة عقود، فهو ضمن مجموعة محدودة من الرموز التنويرية التي كانت تظهر بين فترة وأخرى في المجتمعات.
إضافة لمكتبة أخرى (دينية) للشيخ محمد العبداللطيف آل الشيخ في حي المريقب.
ومعلوم أن الأمير مساعد قد ألف كتابين – في شبابه – بعنوان: (نصيحة إلى إخواني في الدين والنسب) طبعا في القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1360هـ/ 1940م يدعو في أحدهما إلى تعليم المرأة ومزاولة الألعاب الرياضية المناسبة، وتأسيس معاهد للمعلمات المرشدات، قائلاً: (والإكثار من التشكيلات والأعمال الرياضية، وخاصة الفروسية وتعميمها).
وذكر لي الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم الواصل أن الشيخ عبدالرحمن بن سعدي قد سأل والده عن الأمير مساعد فقال: إنه رجل يتصف بالوعي، وسابق لعصره.
وقد تطرق الأستاذ مشعل السديري ليوميات الأستاذ أحمد الكاظمي بجريدة عكاظ في 5-11-2013م عند ما قدم من مكة للرياض لتدريس أنجال جلالة الملك عبدالعزيز عام 1356هـ قائلاً: «.. ولفت نظري الأمير مساعد بن عبدالرحمن من تردده علينا للحصول على بعض الكتب لقراءتها، وطلب من الأستاذ الجسار أن يعطيه دروساً في اللغة الإنجليزية... وقد زرناه في مزرعته فوجدناه منصتاً لمحاضرة الدكتور طه حسين من إذاعة الخرطوم في موضوع إحياء النحو.
هذه لمحة موجزة عن الأمير مساعد بن عبدالرحمن.
والأمير مساعد (1329 – 1407هـ) أول من أسس ديوان المراقبة العامة، وجلب له الخبراء عام 1374هـ، ثم أسند إليه تأسيس ديوان المظالم وأخيراً توليه منصب وزير الداخلية ثم المالية والاقتصاد الوطني ورئاسة مجلس إدارة معهد الإدارة العامة وإشرافه على المجلس الأعلى للتخطيط وغيرها من المهام الرسمية والخاصة.
وكان يتابع أخبار العالم علمية كانت أو سياسية والحركات الأدبية، وقد نضجت أفكاره مبكراً وألف رسائل دعا فيها إلى الأخذ بزمام المبادرة في تعليم الجيل العلوم الحديثة.
هذا وقد أهديت مكتبته بعد وفاته لمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفيها مجموعة من الكتب النادرة.
ومثل هذا ألا يستحق أن يسمى باسمه جامعة أو مكتبة عامة أو قاعة محاضرات في الجامعات والمراكز العلمية وما دمنا نترقب هذه الأيام المهرجان الوطني للتراث والثقافة أفلا يكون لمثل هذا الرجل نصيب من ندواتها؟