تُحرِّكُ المَهدَ المعلَّق، توقفهُ، تحرِّكُهُ مرةً أخرى، بهدوءٍ أكثر هذه المرة، يتأرجح المهد، تتبعهُ عيناها، تتأملُه بشغف، يشغلها عما جاءت إلى السوقِ من أجله.
لم أعُدْ أرقبُ ثواني الإشارة الحمراء التي تمضي سريعاً هذه المرة، أتأملُ المهدَ يتأرجحُ عبر الجدار الزجاجي؛ أتُراها تودُّ لو عادتْ صغيرةً يتأرجح بها المهدُ بأمان؟ أم تُراها أمٌ تركت صغيرها بلا مهد، وراق لها أن تشتري له مهداً في أرجوحة؟ أم تُراها تنتظر صغيراً قادماً، فتراه قبل الأوان يتأرجح في مهدِهِ الصغير؟
تُحَرِّكُ المَهْدَ والإشارة الحمراء تُساقِطَ ثوانيها بسخاء، بقيَتْ لي ثوانٍ يمكنني فيها أن أتوقع خطأ تلك الاحتمالات، فربما تكون مجرد فتاة ككل الفتيات اللاتي يولدن برائحة الأمومة؛ إنْ تكنْ كذلك فالوقوف لدقائقَ أمام مهدٍ يتأرجح كافٍ للحُبِّ، والزواج، والإنجاب، والاستمتاع بمرأى طفلٍ تُسْعدُهُ حركة المهد البندولية.
تذمُّر السائقين خلفي دليلٌ كافٍ على خسارة آخر ثانية حمراء، اندفعتُ مضطراً في سيلٍ من المركبات والضجيج، تاركاً ورائي كثيراً من الظنون، ومهداً يتأرجح، وفتاةً مسكونةً بالأحلام، محفوفةً بالأقدار.