كلما تعلمنا زادت جرعة التفحيل فينا لأن الفحولة الثقافية تنغرس أكثر ما تنغرس عبر الكتابة بما أن الكتابة من مخترعات الرجل بينما الشفاهية مشترك إنساني لا طبقية فيه ولا تمايز، وحين اخترعت الكتابة استحوذ عليها الرجل، وصبغها بصبغته، ومن ثم فإن التعليم بما إنه نموذج أولي لثقافة الكتابة صار فحولياً وسلب اسم المرأة حتى صار يشار إليها برمز ذكوري بدلاً من الرمز المؤنث الخاص بها.
ومرت المرأة بتجارب مع هذا السلب الرمزي، ففي أوروبا صارت تحت اسم زوجها، وتفقد اسم أهلها بمجرد أن تتزوج، وعربياً جاء مزيج بين العائلة والزوج فتقول مثلاً سلمى الخضراء الجيوسي، وسلمى الحفار الكزبري، بالجمع بين اسمي الأهل والزوج، وعندنا صار اسم العائلة بصيغة التذكير هو العلامة على الأنثى، وظل هذا هو السائد وكأنما هو الطبيعي، وما كان ولن يكون طبيعياً لولا هيمنة التصور الفحولي للثقافة حتى لتنساق له المرأة فتقول الدكتورة فلانة، أستاذ النقد الحديث، أو طبيب نساء وولادة، أو عضو البرلمان، وستجد المرأة صعوبة في أن تؤنث اسمها وصفتها، وكأن هذا أمر غير ثقافي، وكأنها لا تكتسب موقعاً ثقافياً وعلمياً إلا عبر التفحيل، ويظل التأنيث وكأنما هو منقصة.