والسحرُ ينطقُ أمْ هذا الصّبا نطقا
يا مبدعَ الطيفِ خَلقاً جلَّ من خَلقا
روحُ الجمال، وما أبدتْ مفاتنُه
مرَّ الصباحُ على جفنيهِ فَأتلقا
حَوْرُ الضِّفاف إذا ما رفّ رفّ هوىً
أوِ طاف.. طاف على سُمَّاره عبقا
يا جارةَ القمر الوسْنانِ علّ صدىً
بما يبوح بهذا القلب قد خفقا
طوفي مغانيَ أيامي فإن بها
من رِقّة الوجد ما قد جاوز الفَرَقا
يكاد يقتلُ هذا السَّهدُ من أرقٍ
إذا مضيتِ.. فهل تدمينني أرقا
يا نخلَ روحيَ والأَيامُ عابرةٌ
ومَا تُخَلِّفُ إلا الآه والمزَقا
أنا وأنت وكلُّ العابرين بنا
هذا الطريقَ فما أبقوا لنا طُرُقا
أعانقُ الصبحَ في عينيكِ ملهمتي
كما يعانقَ عصفورُ الضحى الشفقا
إذا تمرّدَ هذا القلبُ من ولهٍ
يكادُ يُشعلني من صبوةٍ نَزَقا
عمرُ يمرُّ، وحلوُ الذكرياتِ أسىً
فليس يرجعُ في الأيامِ ما احترقا
إني نزفتُ مدادَ الصدر أغنيةً
تكادُ أحرفُها تستنطق الوَرقا
مرّي كما نسماتِ الفجرِ تُرعشُ في
لدنِ الغصون وخَلِّي في الزمان لِقَا
العابرون دروبَ الليل أمنيةٌ..
والمالئون مساءاتِ النَّدا حَبَقا
الشامُ موعدنا نهرٌ وساقيةٌ
وغوطتان، وحُلمٌ داعب الحَدَقا
وما تناثرَ من حَوْرٍ، وما بردى
في المغريات سوى كفٍ همى غدقا
أنا المعتَّقُ في أجفان سوسنةٍ
أنا الغريقُ بها وجداً، وما غرقا
هنا الطريقُ إلى الفردوسِ منعتقٌ
وقيل: أجملُ ما في العمر ما انْعتقا
أُقَبِّل الشام جِيْداً بالبهاء سرى
والروحَ، والثغرَ، والأهدابَ، والعُنُقا
هذا الذي كوميض العين شف سناً
منه الضيَاءُ، وذاك الومضُ ما برقا
إني ووعدُكِ في الأعماقِ رفَّ شذاً
فهل أكذِّبُ وعدَ العمر إن صدقا