اعترافاتٌ متأخرة
يا فاتنتي:
أنا شاسعٌ واسعٌ، وكثير!
لا أحتاج منك أن تُشكِّليني؛ لأناسبكِ.
رُعبُكِ الدائم من أفكاري التي ما عدت أستشيرك فيها يزيدك منّي ريبة، فلا تتصدقي علي ببعض أسرارك؛ لترمي بي في شراك البوح.
حسنائي:
بعيدًا عن كوني مورق بالقلق عليك مؤخرًا:
أنا في النّهاية متصالح مع المألوف..
ومتأقلم مع كلّ الأقدار التي تعاكسه. أعرف كيف أُذيب تفاصيلي في كلّ الأقدار التي تعاندني؛ فأنا «رجلٌ يعتادني الصّبر من حينٍ إلى حين» هكذا تربيت.
الرّجل يجرب كلّ شيء..
ويحتمل كلّ شيء..
وإن سُلبت منه الحياة..
عليه ألا يبكي على شيء!
الرّجل الحقيقي متى ما قطّبتْ في وجهه الحياة لديه ألف مخرج ومخرج للطوارئ.
هكذا..
وبكلّ هذه القسوة..
وبهذه اللا مبالاة بقلب، أوشعور، يعيش الرّجل الشرقي في بلادنا.
تعرفين بأنني لا أصلح للانسكاب داخل براويزك الجاهزة مهما أنّقتِهالي؛ لذا وفري عليكِ
كلّ هذا العناء.
تذكري فقط: أنّ الرّجل الذي لديه الجرأة على أنْ يُغادرَ حُبًّا ليس من نصيبه هو رجل صادق، لا يتسلى بكِ!
وحتى أُبرهنُ لكِ صدقي، سأخبركِ بما أفنيت ِعمرك لسماعه مني، ولم تفلحي:
أعترف أنّ حبي لكِ يأخذني إلى مناطق وَعِرة، أنا نفسي أخشاها. يحاصرني بهالة من الدهشة الدائمة.
كنتُ أعلم أنّكِ منذ البدء تصنعينني على عينك؛ لتصطفيني لنفسك. وأنا وسط هذه الدّروس الملهمة أقتني ذوقكِ، وأتشبه بكِ بعيدًا عنكِ.
أُردّد في غيابكِ مصطلحاتكِ، وطريقتكِ في التّهكم من الأشياء التي تعترضكِ.
أنتشي، وأشعر بي أملأ هذا العالم كُلّما تحسستُكِ في قلبي.
أُخذتُ بكِ من أوّل حديث جمعنا.
كنتِ نقيّة, بيضاء، وواضحة جدًا.
في البدء شعرتُ بأنّكِ أنثى تصلح أن تكون ضمادة جراح.
مع الوقت أيقنت أنّكِ أعمق جرح لن أجد له ضمادة!
سهولتك كثيرة على معقد مثلي، كنّا متفاهمين في كلّ ما نفعل، ولا أعلم كيف ومتى استطعتِ بقدرة خفيّة أن تبيني لي كيف أنّني بسيط بما يكفي للتداخل.
معكِ كلّ الأشياء تنسلخ من تعقيداتها، يتمزق كبرياؤها, وتتهشّم غطرستها.
في كلّ مرة كنتِ تنتزعين ريشة من قلبي, وريشة من على رأسي.
تثقبينني بعينيك، وأنتِ تسألين في تعقيدي الفظّ:
فيم أخطأت؟!
بكفيكِ، وبعفويتكِ تعيدينني إليك:
انظر إليّ، وكن صادقًا، ما الجرم الذي لا يُغتفر؟!
من يُحب يُسامح.. فلماذا أنت لا تسامح؟!!
لديكِ طرق استثنائية في سكب الألم, والأمل معًا.
توجعينني بمنتهى الحنان!
صوتكِ الدافئ، يتسلل إلى قلبي، وكأنّكِ تعتذرين، وأنتِ تغرسين الألم.
لا تتركين المواضيع متجمّدة في المنتصف، في حين كنتُ أنا أتركها؛ لتذيبها الأيّام.
تُفتتينني من الدّاخل كلّما اعتصر البكاء وجهكِ بسببي.
معك أشعر باختناق رائع.
أحبّ تفاصيلك العارية، ونظراتكِ اللغز.
حدة أسئلتك التي تخيفني لا أملك معها إلا أن أكون صادقًا رغم كذبي!
كنتِ خليطًا من الملائكيّة والشراسة والطفولة والشيطنة.
تظهرين في حياة أحدهم؛ لتكوني الأولى والأخيرة.
أنتِ كثيرة بشكل يجعل من الصّعب محاصرتكِ، ونسيانك أيضاً.
ربما لكلّ هذه الأشياء كانت جذوة من روحك تحوم حولي كلّما افترقنا.
أعلم أنّ الأسئلة تنخر صدركِ قبل رأسكِ مذّ رحلت، سأريحكِ:
أنتِ صنف من النّساء، لا يمكن أن يُحبُّ معه أو بعده!
حكيمة وراقية للحدّ الذي يجعلني أخشاكِ، وأشك بعدكِ في قدراتِ أي امرأة تفكّر في احتلالي.
يا ملهمة:
للواقع أنيابٌ كثيرة، لو برز لكِ واحد منها؛ سيؤذيكِ، ولن تسامحيني أبدًا.
لذا دعيني أرحل بصمت، ولا تغضبي منّي.
تركتكِ بسببي، ولأجلكِ.
لا بسببكِ ولأجلي.
أنثى العاصفة
أنا المرأة العاصفة التي طالما خشيتها.
أقفُ أمامك الآن، وأنا بكامل قواي العاطفية؛ لأخبرك:
كم أنا مهزومة، وأحتاج إليك.
أقضي وقتي من بعدك بالتمدد..
هاأنا أتمدد..
وأتمدد..
وأتمدد!
إلى أن أرتطم بفيض الأسئلة التي تضطرني أن أتوارى عنها وراء ضعفي
التفاصيل التي تضخ نفسها في ذاكرتي، تحيلني إلى سجن مأهول بك.
أحاول أن أعيد صياغة نفسي؛ لأناسبني من جديد، ولا أفلح.
أنا المرأة العاصفة التي طالما خشيتها!
أخبرك وأنا بكامل قواي العاطفية:
إنني توقفت عن السير بعدك.
وحدك كنت تميط الأذى عن طريقي.
وتمنحني كلّ فرص المضي.
وهبتني أجنحة التحليق، خارج فوضاي.
رتبتني..
هذبتني..
علمتني كم أنت مذهلٌ ومُحيّر!
أنا المرأة العاصفة التي طالما خشيتها.
أقول لك وأنا بكامل قواي العاطفيّة:
عد.
فأنا لا أصلح لشيء بدونك.
سُلطة
- تزعجني شفافية نصوصك.
قالها بعد أن عقد حاجبيه، وزمّ شفتيه.
هل كنتِ بحاجة لنشر كل هذا الغسيل أمام كلّ هذه الأعين الجائعة؟
- لماذا تفترض أنّها كذلك؟
لا حياة للكلمات دون قارئ!
ثم إنني أخبرتك ألف مرة أنّه ليس من صالح هذا الكون أن أفتقدك.
صدقني ليس من صالحه!
قالت جملتها الأخيرة وهي تبتسم بلؤم.
- وماذا ستفعلين؟
- قل: وما الذي لن تفعليه؟
ألقت بنظرتها أعلى اليسار، كمن يستحضر شيئًا من الذاكرة، ثم أردفت:
سأشعل الحرائق في جوف الكلمات..
سأعزف على أعصاب الوجع..
سأكتب في كل عذر من أعذارك منتهية الصلاحية قصيدة فاضحة تُعرّيها
- وهل ستخبرينهم من أكون؟
- طبعاً!
سأخبرهم بأنك المتغطرس المنتصب كعلامة تعجب، وأنا العاشقة المنحنية
كعلامة استفهام.
الكتابة التي تلومني عليها ليست بديلاً عن دفء قلبك.
ليست طبيباً نفسيًّا يمكنني أن ألفظك على مقعده قبل أن أخرج من عيادته.
ليست تفريغًا لفض النزاع، بل تكثيفًا له.
كنت أظن أنني بالكتابة عنك سأنزفك وينتهي الأمر، وجدتني أكتبك تاريخًا وأخلدك
أرأيت كم هي قطعة من عذاب؟
إنّها تجعلنا نُيمم شطر العوالم الميتة بداخلنا، ونبث فيها الروح من جديد.
يا سيدي:
عندما أعرض عليك بعض ما أكتبه عنك ليس لأنّك تحبه.
وليس عليك أن تفعل!
هي طريقتي التي أخبرك فيها أنني أفتقدك، وأحتاج إليك.