لم تختر زوجة الأب الشريرة لسنو وايت تفاحة خضراء لتحاول التخلص منها. كانت تفاحتها حمراء - بلون الحذر والخوف والموت على رأي حاتم الطائي - خادعة ببريقها ومذاقها الحلو، فجلب قضمة الموت المؤقت لسنو وايت، والسعادة المؤقتة - أيضاً - لزوجة أبيها!
لا يمكن أن تكون التفاحة الخضراء محتالة؛ فبرغم طعمها اللاذع لكنها تضعك أمام خيارين، أحلاهما حامض، إما التوقف عند أول قضمة، أو المضي حتى التهام البذور. لكن الحمراء بمذاقها السكري تغريك بالمتابعة حد التخمة!
طرح أحدهم سؤالاً أو لغزاً ساذجاً على جوجل إجابات، يقول فيه: كيف تجعل تفاحة خضراء وأخرى حمراء بنفس اللون؟ جاءت الردود أن ذلك ممكن بتقشيرهما. هناك آخر قال انظر إليهما بكاميرا أبيض وأسود. لكن هذا الحل ليس دقيقاً؛ فقلب الخضراء يختلف عن قلب الحمراء؛ فالأول أبيض جداً، بينما يميل الثاني إلى الأصفر! يذكرك هذا بالبشر، أليس كذلك؟!
لون التفاحة الخضراء هو لون السلام كما اختارته منظمة السلام الأخضر الشهيرة المعنية بقضايا البيئة، وقد يسمى منسوبوها بالخضر؛ لذا يمكن الوثوق بالتفاحة الخضراء لهذا السبب، ولأنك تعرف طعمها قبل أن تأكلها، لكن لا يمكنك أن تكون على هذه الدرجة من الثقة مع الحمراء، فيقول لك البائع إنها حلوة مثل السكر لتجدها هشة وباهتة، وتصلح فقط لإعداد الفطيرة، أو ينتهي بك الأمر لغليها مع عود قرفة!
نجت التفاحة الخضراء من التكرار الذي غرقت فيه نظيرتها الحمراء، فكل الحكايات - بدءا بتفاحة نيوتن المزعومة التي قد تكون أي فاكهة أخرى أساساً - تغص بالتفاحات الحمر، أو لعلها ذهبية في أحسن الأحوال. وحتى في محاولاتنا الفنية البدائية لرسم سلة الفاكهة المملة كنا نكدس التفاح الأحمر إلى جانب البرتقال والموز؛ لتبقى الخضراء نائية بنفسها عن عالم المبتذل والعادي، ولأنها تهبط إليك من «المحل الأرفع»، رغم المحاولات لجعلها مشاعاً في نكهة معجون أسنان أو شاي أخضر، غير أن النعناع يكسب في الحالتين! وربما كان هذا هو سبب اختيارها لتكون بطلة رئيسة في لوحة ابن الإنسان (للفنان السريالي رينيه ماغريت - رسمها عام 1964)؛ إذ أحسنت أداء دورها في إخفاء وجه الرجل مبرهنة على أن كل ما نراه يخفي شيئاً آخر، كما قال ماغريت نفسه في حديثه عن لوحته.
كثير من الثمار تبدأ حياتها خضراء، لكنها لا تبقى وفية للون. فالطماطم تفتتح مسيرتها قبل أن تؤول إلى الموائد بلون أخضر، تتخلى عنه بسهولة مقابل الأحمر. كما سبق أن تنازلت عن اسمها من تفاحة الحب لتغدو مجرد حبة طماطم! كانت التفاحة الخضراء الكبيرة في مدينة الألعاب التي يخترقها قطار الدودة المبتسمة - الخضراء أيضاً فكلاهما يتمتع بحس فني رفيع - بسعادة فرصة لاختبار التنفس في المرتفعات، إلا إن تحولت الوجوه إلى خضراء هي الأخرى! يقول مفسرو الأحلام إن رؤية التفاحة الخضراء في الحلم تشير إلى حب يتفتح وينمو، ربما لهذا كانت تفاحة مدينة الألعاب خضراء ولا شيء آخر!
بالمناسبة، هل سبق أن خطر لك أن ألوان التفاح هي ذاتها ألوان إشارة المرور، وأن الجميع يفضلها خضراء دوماً!