Saturday 08/03/2014 Issue 431 السبت 7 ,جمادى الاولى 1435 العدد
08/03/2014

انتهى عالم الشريط السينمائي (2 ـ2)

الأشرطة السينمائية الملفوفة والمحفوظة في علب من البلاستيك المصنعة خصيصًا لاحتواء الأشرطة السينمائية، باتت اليوم من تراث الماضي وسيحار المعنيون وشركات السينما بتلك الأشرطة التي هي مليارات من الأمتار عبر تاريخ السينما في العالم.

قبل سنوات كانت ثمة مشكلة في هوليوود أمريكا وأخرى في مصر.

في هوليوود أمريكا نجحت شركة سوني اليابانية في إقناع الشركات السينمائية الأمريكية العملاقة بأن تبيع موروث أفلامها بنسخها السالبة إلى اليابان، ولشركة سوني بالذات.

فهل يعقل أن تبيع أمريكا أجمل ما صنعته في تاريخها الذي يشكل البديل للعنف والحروب والسيطرة على ثروات العالم. نعم باعت أمريكا واشترت اليابان أصول الأفلام. فماذا تصنع اليابان بكلِّ تلك الأشرطة التي اشترتها بمليارات الدولارات.

اليابان تعرف معنى الفيلم السالب وتعرف كيف حفظته الشركات السينمائية العملاقة. ولذلك فهي امتلكت حقوق عرضه وتوزيعه وبيعه.

في العالم عشرات الآلاف من القنوات التلفزيونية التي تعرض الأفلام الأمريكية الكلاسيكية، تلك الأفلام العظيمة التي هزَّت مشاعر الناس أينما يشاهدونها. وأمريكا عرفت في جانبها المضيء من خلال الأفلام السينمائية فحسب. لكن هذا العالم السالب والموجب أيْضًا قد انتهى اليوم بعد أن صنعت اليابان نفسها شريحة الذاكرة ونظامها الدقيق والعبقري الذي أصبح بديلاً عن الشريط السينمائي وهو نظام الـDCP اليابان سوف تحوَّل كافة الأفلام السينمائية على هذا النظام وسوف تبيعه لكل قنوات التلفزة وستحصد منه الملايين والأكثر أنها امتلكت حقوق تاريخ الإبداع الأمريكي.

نفس الشيء حصل مع مصر حيث تمكن أحد الأثرياء العرب من عشاق عالم السينما والإعلام من شراء أصول كافة الأفلام المصريَّة وحفظها في بنوك الأرشيف في روما الإيطالية، وصار هو يمتلك حقوق عرضها وبيعها وتوزيعها لقنوات التلفزة العربيَّة. وإذا كانت شركة سوني قادرة على تحويل كافة الأفلام الأمريكية إلى نظام العرض الجديد الـDCP فكيف ستحول الشركة العربيَّة كافة الأفلام المصريَّة إلى هذا النظام الذي لم يدخل العالم العربي بعد وليس من السهل أن يدخل عالمنا وذلك بسبب تدهور الأوضاع الثقافية السينمائية بعد الربيع العربي.

لقد توقف الإنتاج السينمائي في العالم العربي بعد الربيع، ومن يمتلك قدرة العمل وفق النظام الجديد في المنطقة العربيَّة وبشكل خاص في بعض بلدان المغرب العربي حيث الاستقرار نسبي لا يزال، فإنَّ البلدان العربيَّة سوف تبقى حائرة أمام التطوّر التَّقني في العالم، فهي أولاً لا تستطيع أن تغيّر الآلية التقنية بالسرعة التي تكفل الإنتاج والتوزيع، وثانيًّا لا توجد أصلاً صالات سينما حتَّى تمتلك النظام الجديد إِذْ تحوّلت صالات السينما العربيَّة إلى مخازن للبضائع المستوردة أو السكراب وأنتهت الشاشات البيضاء وانتهت عتمة الصالة الجميلة.

الأفلام في العالم تنتج وفق النظام الجديد. وصالات السينما في العالم ترفض عرض أيّ فيلم غير منتج وفق النظام الجديد، حيث الأجهزة لا تستقبل أيّ فيلِمَ لا يمتلك مواصفات الإنتاج والعرض الحديثة والمضمونة. هذه الأفلام لا يمكن اليوم تسويقها نحو عالمنا العربي لأن عالمنا وخصوصًا الربيعي لا يمتلك أساسًا أجهزة عرض خاصة بهذا النظام، بل في كثير من البلدان لا تمتلك صالات سينما أصلاً. والمنتج العربي والمخرج العربي لا يمتلك أدوات الإنتاج الخاصَّة بهذا النظام من الكاميرات وطرائق التخزين الرقمية والمونتاج حتَّى عمليات مزج الأصوات وطباعة الفيلم.

إن نظرة علميَّة واقعية لنظام الإنتاج والعرض يجعل المخرج والمنتج يشعر بالسعادة، إِذْ إنه بدلاً من أن يحمل معه 200 كيلوغرام من الأفلام لعرضها في المهرجانات السينما أو في صالات السينما، فهو اليوم يحمل معه مائة أو مائتي غرام فقط يضعها في جيبه مثل المحفظة وتحتوي كمية من الأفلام بكلِّ لغات العالم دون أن يَتمَّكن أحد من سرقتها أو استنساخها أو تصويرها، فهي نظام يشبه السحر أو يشبه الكذب، لكنه حقيقة واقعة.

يا إلهي.. كم نحتاج من الزمن حتَّى نتمكن من اللحاق بالركب الإبداعي الإِنساني! ومن أين نأتي بالزمن فهو لا يباع في الأسواق ولا يصنع وهو في حركة دائمة نحو الأمام فيما نحن نمارس لعبة المراوحة في البرامج الرياضيَّة على شاشات التلفزة!

- هولندا k.h.sununu@gmail.com