الناشر: مركز الإمارات للدراسات؛ 2013
الصفحات: 70 صفحة من القطع العادي
يبحث هذا الكتاب في نشأة «التيار السلفي» وخطاباته وممارساته؛ فيلقي نظرة تحليلية عامة على هذا التيار؛ من حيث الأسس المعرفية والفقهية التي ينبني عليها، والتي اتبعت خطاً في تاريخ المسلمين ترعرع على يد الإمام أحمد بن حنبل، وتجدَّد مع ابن تيمية، ثم أخذ دفعة جديدة على يد محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه. كما يتناول الكتاب خريطة التيار السلفي في الفترة الحالية، التي تبين أن السلفيين ليسوا فريقاً واحداً منسجماً، وإنما بينهم تباينات؛ سواء في أسباب النشوء والانطلاق، أو في الرؤى والمرجعيات، أو في المصالح والمنافع، أو في علاقتهم بالآخر، وتصورهم عن الذات والعالم. كمايرصد الكتاب مستقبل السلفيين في ظل التغيرات التي يشهدها العالم العربي في اللحظة الراهنة، وفي ظل التحديات التي تواجه التيار السلفي، المتمسك بالخطاب الماضوي، والبنية المعرفية التي تسير في اتجاه مخالف لتعزيز المدنية وتقدم التاريخ.
« في عهد النبوة كان مجمل المنظومات المعرفية والطقوس والتدابير والاعتقاد يحمل اسماً واحداً موحَّداً وهو «الإسلام»، لكن مع تعاقب السنين، وظهور الخلافات، سواء بفعل تغير المعاش وتبدل السياقات واختلاف الملَكات العقلية، أو نتيجة لتضارب المصالح وتباعد الأهواء، وتأجج الصـراع على السلطة، انقسم المسلمون إلى فرق عديدة، بعضها شق طريقاً في تاريخ المجتمع المسلم، واكتسب قوة بتحوله إلى مذهب أو طائفة أو تنظيم أو تصور فكري قوي، وكثير منها اختفى بمرور الأيام، من دون أن يكون لها وجود وتفاعل في حياة المسلمين المعاصـرين. لكن «السلفية» كفكرة ظلت على قيد الحياة، يتم استدعاؤها من قبل بعضهم على أنها «الحل السحري» كلما تأزم المسلمون، وتملَّكهم حنين جارف إلى أيام مجدهم الغابر، فظنوا أن بوسعهم أن يستعيدوا التاريخ بحذافيره، وبشخوصه وسياقاته ومقولاته، في ماضوية تتجدد كلما تجددت الهزائم والانكسارات.».