Saturday 08/02/2014 Issue 427 السبت 8 ,ربيع الثاني 1435 العدد
08/02/2014

كسر الجمود

الراهن المعيش اليوم يكتظ بالأسئلة ويضج بألوان من التحديات المتجددة والتي تفرض تحويرا في بعض ملامح الخطاب الفقهي وتلافي إعادة إنتاج بعض الآراء التي قدتكون ملائمة لطبيعة السياق الزمني الذي أنتجت فيه لكن ليس بالضرورة أن تحمل ذات الصلاحيات في مقطع زماني آخر.

كل فترة لها خصائصها ومراحل تشكلها والمعني بإنتاج الأحكام وترويج الأقوال حينما تخفت صلته بالواقع أياً كان هذا الواقع اجتماعيا أو إدارياً أواقتصادياً أوسياسياً أومعاملاتياً ويضعف تماسه مع مفرداته وملابساته العينية فهنا تلقائياً سيضمر عنده «فقه التنزيل» الذي لايقل أبدا عن»فقه الفهم»وبالتالي سيكون أسيراً لضرب من التبعية الفقهية التي قصاراها امتهان السلوك التقليدي المحض وعدم مبارحة الدائرة المذهبية الضيقة بحال من الأحوال بل وأحيانا التثريب على كل من استدعى خيارات قد يكون الدليل يعضدها كما في هذا التثريب الذي نلمسه عند بعض المؤلفين كـ(الصاوي) في حاشيته على(الجلالين) حينما قررأن: «من خرج عن المذاهب الأربعة فهو ضال مضل ولو وافق الصحابة والحديث الصحيح» هذا التوجه ذاته هوالذي ندد به الإمام (ابن القيم) في (الإعلام) حينما أنكر على أولئك الذين اختصروا رحابة الفقه وضيقوا مدى بحبوحته حينما» جعلوا التعصب للمذاهب ديانتهم التي بها يدينون ورؤوس اموالهم التي بها يتجرون وآخرون منهم قنعوا بمحض التقليد وقالو»{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ} (22) سورة الزخرف. والفريقان بمعزل عما ينبغي اتباعه من الصواب»ج1ص7 ولاشك أنه حينما يحل التقليد بديلاً للاجتهاد وتضمر الاستقلالية ويستفحل داء لتعصب وتستشري حدة الاستقطاب وتبلغ أوجها فحينئذ ستضعف المعالجات الفقهية الدقيقة وستنحسر العلمية لصالح تكريس حالة من الانحباس في أتون القوالب الجامدة, والاصطفاف المتلبس بداء التحزب الذي قد يجعلنا أحياناً أمام حالة من النشاط التأليفي المكثف والذي كل فريق فيه يسعى لإزاحة الفريق الآخر والبحث عن مبررات لإقصائه وهكذا فالجميع يستدرج الجميع إلى معارك جانبية ساخنة تشتت القوى وتستنزف الجهود وتستهلك الكفاءات وتلفت الانتباه عن الأولويات التي هي بالتصدير أجدر.

إن التبعية المجردة والتقليد لذات التقليد ليس مؤشرا على ضعف التأهيل الأصولي وانعدام الإفادة من تراكم التجربة الاجتهادية فحسب بل كثيراً ما كان سبباً في إرباك المكلف ومصادرة خياراته وإثقاله بمعطيات اجتهادية وقراءات قابلة لإعادة النظر على نحو يحدوه إلى التزام ما لايلزم وتحمل ما لا يحتمل من غير الاستناد إلى حيثيات منهجية أوأدلة تتكيء على رصيد وافر من التوثيق!

- بريدة Abdalla_2015@hotmail.com