Saturday 08/02/2014 Issue 427 السبت 8 ,ربيع الثاني 1435 العدد
08/02/2014

شياطين تتقاطر

يتعقبونك، هم هنا، يسكنونك. فور الهرب، قدرك أن يتشبث بك، أن يطوي الوديان متجهاً صوبك.

- يا أخي أنا خائف.

رد ناصر:

- خواف.. أعرفك دائماً.

- نعم خائف، وأنت ألا تخاف، وهل هناك من لا يخاف الجن؟!

- لكنك جننت، ليسوا هنا، هم هناك في الأودية المظلمة، والصحاري المعتمة.

- (ما لك وما لي اتركني في حالي..).

أعرف أنهم رابضون في كل الأمكنة، لن أجلس وحيداً، لا اليوم، ولا غداً، ولا بعد غد، سآوي إلى حيث يتجمع الناس، سآوي إلى حيث المأوى، من يمكن له أن يحميني منهم.

اذكر الله، تمتم دوماً بالأذكار.

نصيحة أبي، كم شعر بأنني أخاف، ولماذا لا أخاف؟ لست وحدي من يخافهم.

قال لي موبخاً:

- خواف، كما قالها صاحبي ذات فجيعة، عندما خرج الجني أمامي من جسد أحدهم، كان القرآن هو الحل، أنا أحفظه عن ظهر قلب؛ لأكون قوياً به، أتلوه ليلاً ونهاراً كلما شعرت بهم يقتربون من المكان.

لكنني لا أقوى على ذلك وحيداً، سرهم كامن خلف الجدران الفارغة، خلف كل الأماكن الخالية، أتشجع بوجود بشر حولي، أتقوى بهم. في الأجساد النارية تقوى ذلك الشاب، تمكن من ربط أذن الجني، ثم ظل يردد مقولة إخواننا المصريين:

- (اللي يخاف من العفريت يطلع له).

- ليس حقاً، الخوف ذريعة الوجود، فوجودهم كائن هنا، أشعر بأنهم يتجسسون علي، يتنصتون على كل ما أقول، كل لحظة لا أقوى خلالها على الإمساك بخيوط الحقيقة كي أثبت لناصر أنني على حق، ليكن موجوداً يوماً، وأثبت له وجودهم.

جاء ذات مساء غابقاً بالخوف، ظل ينتظر حتى وقت متأخر من الليل، معي في الشقة وحيدين إلا منهم، شياطين تتقاطر في أزقة المكان، لم يحضر أحد منهم، اختبؤوا بلا شك خلف الستائر، حاولت تحريك الستائر، نفض النوافذ، الصراخ في حوش المنزل الخالي، إلا من إضاءة خفيفة تغريهم بالحضور، لكن أحداً منهم لم يجئ، جئت أنا إلى ناصر، أكدت له أن وجوده الرشيق بحزم جعلهم يتبخرون.