أشعلت كلمات مليكنا المحبوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ التي وجهها إلى العلماء والمشايخ قائلاً: (أطلب منهم أن يطردوا الكسل عنهم.. ترى فيكم كسل وفيكم صمت) منصات النشر التقليدية والحديثة.. وذلك عقب خطابه الذي وجهه يحفظه الله إلى المجتمع الدولي مركزاً فيه على قضية الإرهاب والجماعات المتطرفة ونحوها..
وبالعودة إلى كلمات خادم الحرمين الشريفين التي اتجهت إلى موضع الخلل مباشرة.. يبرز كسل مؤسسات صناعة الجَمال والفن وتجذيره في أرواح النشء والشباب والأجيال بل وإشاعته كشكل حياة راسخ وبليغ لدى أطياف المجتمع على امتداد خارطة الوطن ..
وتأتي الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون كإحدى أهم المؤسسات المعنية بترسيخ قيم الفن والجماليات.. لكنها في حقيقة الأمر أشبه ما تكون بـ (جثة) ثقيلة للغاية (لاحية فترجى ولا ميتة فتنسى) تتمدد إلى أجزاء الوطن عبر 16 فرعاً.. ولك أن تتخيل؛ لو أن هذا الكيان الميت كان حياً وبث الحياة والنبض وقيم الجمال والفن وأشاعها وأصلها ونقب عنها لدى شرائح المجتمعات.. فهل سنفضي إلى ما أصبح عليه أبناؤنا في كثير من مواطن الاقتتال والاحتراب..أرضاً للمجنزرات وطعاماً للمدافع وفتيلاً لحقول الألغام والمتفجرات والبارود ؟!!
جمعية الثقافة والفنون منذ أن وُلدت النواة الأولى لإنشائها عام 1393 هـ من رحم الإدارة العامة لرعاية الشباب بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك.. لم تقدم عملاً حقيقياً يتوقف أمامه المتابع أو المراقب للفعل الثقافي والفني.. بل منذ أكثر من أربعين عاماً ومجالس الإدارات ورؤساء تلك المجالس يتعاقبون على ما يشبه العمل.. دون أن يترك ذلك التعاقب حلقة واحدة فقط يمكن أن نقول لصناعها شكراً جزيلاً لكم.. المشترك الأوحد الوحيد الذي قد نتفق معهم حوله هو قلة الدعم المادي وعدم كفايته للنهوض بمهام وواجبات الجمعية تجاه الوطن وتجاه الفن وتجاه الأجيال..
مؤخراً - قبل أربع سنوات - شُكل مجلس إدارة الجمعية الأحدث برئاسة الأستاذ سلطان البازعي.. فحملت إليه هذه (الثقافية) ملخصاً شاملاً لمختلف الحقول التي تعنى الجمعية بتعاهدها فنياً وثقافياً.. واختتمنا ذلك الملف بحوار مع الأستاذ البازعي وعد فيه بأن تعتمد الجمعية الانتخابات بديلاً عن التعيينات.. إلا أن أربع سنوات لم تكشف لنا من مجلس الإدارة الجديدة سوى (سياسة التقشف) التي عطلت ما كان قائما - على قلته - في حين يتحدث البعض عن مرتبات عالية وسيارات فارهة بموديلات حديثة لبعض المناصب.. ناهيك عن مقتضيات الانتداب والسفر والتنقلات..
أمور كثيرة يتحدث عنها مقربون وعاملون سابقاً في الجمعية تجعل المتطلع إلى أمل أو عودة حياة بعد 40 عاماً من الموت أضحوكة أمام نفسه.. ما يحتم إعادة صياغة استراتيجية الجمعية بما يحقق أمن الوطن فكرياً وجمالياً وفنياً.. فالقضية لم تعد ترفاً بقدر ما هي جزء من حل لإشكال كبير يجب أن تتضافر الجهود والمجالات والاتجاهات للإسهام في حله..
الإرهاب داء.. والجَمال والفن دواء!!