إلى كل الغائبين عنها سواه.. وما استثنت إلا أنداهم جرحا!
كلهم ماتوا بعدك عداك.. كنت أؤمن برحيلك لكنني لم أتهيأ لتوقيته.. أينا سيرحل للآخر؟.. لم أعلم أنها ستكون أينا سيرحل عن الآخر؟!.. الغياب ليس عذابا حين يكون الجرح أكبر من العذاب نفسه.. أنت فيّ وإن ضنت بك الدنيا عليّ.. أنت فيّ ولو بلغت من الغياب عتيا.. صوتك هدير فناء لا أسمعه.. وهمسك ضجيج حياة ألتذ به حين أفجع بك منك.. أنفاسك كلها تلتوي على عنق وريدنا.. والحبل بين يدينا.. يدك تبسط وتقبض عليه.. ويدي عليك لا تقوى.. لا أدري من بتر يمين الفرح وشوه يسرى الترح؟!.. الفراغ ما بين اليدين مسافة قلب لم يمسسه إلا نبضك ولم يؤذه سواه!.. حتى الدموع عليك ومنك أرواح تتساقط.. وواسطة العقد قرش لا يبطش إلا حين تأزه مواقد الغروب.. كأنك البحر ورمله طير محشور.. عن بلل ملحك لا يفتأ.. ومن سُقياك يلدغ فيرتع بالوجع.. تغرقني بك كالبرق إذا خطف ثم تذهب سراعا وأجداثي منك ملأى أسى.. وشمس الغياب لا تجف بك عنك.. كل الشموش بعدك ندف ثلج.. حتى شمس الشتاء استنكرت نفسها لنفسها.. ووحدها من يحترق كيلا تعتنق دفء عقيدتها.. مدّ أطرافك.. وأمسك عليك يدك وقلبك وكلك فقد زهدتك حدّ التصوف!.. رحلنا كلنا ووحدك من بقي فيّ.. رحلتَ ورحلتُ.. ورحل الوهم إلى بعضينا.. وفرق بين المنى التي بلغت تراق الحلم واستعصمت عن مراودة اللقاء!!