قانون الهوية: (أ=أ) وهذا يعني ثبات الصورة المنطقية للهوية، بحيث يكون الكائن هو هو في كل مرة، لن نعود إلى المعالجات والدراسات الفلسفية لمسألة الهوية وأبعادها وإشكالاتها، ولكننا سنتناول ابتداء محاولة هيجل إنقاذ الهوية بتعزيز حضور الكائن عبر إدخال السلب على ((ما هو عينه))، والسلب يحقق بكثرة عناصره ومكوناته: حركة المباعدة والانفصال عن الهو هو، بحيث ((تصير الذات ذاتاً عبر الآخر)) سواء الآخر الموجود في الذات على هيئة كامنة أو الآخر الذي يظهر على مسافة مني، غير أن هذا السلب وعوضاً عن أن يكون حركة توالدية للاختلاف والمغايرة والخروج، لم يفعل - ضمن الطور الكلي للديالكتيك - إلا أن عزز ترسيخ الهوية، بحيث تملك حضوراً مضاعفاً وتكون معطلة للغيرية، وتجدر الإشارة إلى أن الهوية بطبيعتها مضادة للانزياح المفاجئ أو الانحراف الجذري عن النسق الغالب، إن التصور الأرسطي يؤكد الهوية كقيمة منطقية وأنطولوجية لحضور الكائن في العالم، أما أغلب التصورات الفلسفية اللاحقة فقد اشتغلت على كيفيات الخروج واستنبات إمكانات جديدة تحدد إطار العلاقة بين الواحد والمتعدد، وأياً يكن مستوى المحاولة فإننا لم نجد أسئلة جذرية تحمل طاقة للمتغير التدميري، بحيث يحضر الاختلاف دون أن يكون بعدا من أبعاد الهوية، ولعل المقاربات الأكثر راديكالية هي التي قدمها جيل دولوز في ((الاختلاف والمعاودة))، إذ أسس للاختلاف وجعل منه كينونة واضحة في مشروعه الفلسفي.
نود أن نقول: إن الهوية تأخذ شكلا نسقيا، فهي شبكة من العلاقات، ذات طابع اختزالي، تقف ضد التنوع والصيرورة، لماذا ؟ لأن الهوية نافية لما عداها، صحيح أنها تملك أفقا للمناورة مع الطارئ والغريب، لكنها لا تفعل ذلك إلا بقصد الاستحواذ على أسرار الدخيل والسيطرة على شرط انوجاده في العالم.
إن مكمن الخطورة في مسألة الهوية أنها تصدر عن مرآة مخبأة في داخل الكائن، فهي لا واعية في الأساس العميق لنواتها الأصلية.
هذا مدخل أولي، أو ملاحظات حول الهوية وإشكالاتها، ولا يتسع المقام هنا للوقوف على مفاهيم ذات علاقة: الذات - الآخر - الصوت - الإنية - - - الخ.