الشيخ دون مريد
تربطني بالشيخ عبدالله الجلالي علاقات وثيقة، الرحم والجوار، ثم صار أستاذا لنا في المعهد العلمي بعنيزة، وكان مخالطا لنا لا تمييز بين طالب وأستاذ، وهذا شأن عدد من أساتذتنا وكنا في دورية معهم ونجالسهم كما نجالس أقراننا دون تمييز وظيفي ولا عمري ولا عقلي، ولم يكن لدى أي من أساتذتنا مشكل مع ثقافتنا الخاصة ولا مع انتمائنا العروبي غير الشيخ عبدالله الذي ظل يحاول تعديل وجهتنا وبتركيز شديد، وكان لطيفا في هذا وأخويا معنا حتى لتقول إنه تلقائي وكأنه أحدنا، ولم يكن يستغل قاعة الدرس فهو يعي أن جو المعهد في معظمه عروبي حتى مع عدد من الأساتذة، وأحدهم أملى علينا في قاعة الفصل قصيدة الحب والبترول لنزار قباني، وقد أمضينا الحصة كلها في كتابة القصيدة وتحليلها، وما زلت أحفظها تبعا لإملاء الأستاذ عام 1963، وهذا هو الجو الذي لم يك يخفى على الشيخ عبدالله ولذا قرر أن يخطط لحركته معنا بأسلوب غير استفزازي مؤملا أن يسحبنا إلى جو آخر بعيدا عن العروبة اليسارية، وكان له أن يتوسل بالمحبة التي كنا نكنها له حينذاك، وتعددت تجاربه في الدخول إلى عقولنا ولكن دون نتائج، حتى جاءت رحلة برية نظمها الشيخ الجلالي، وكانت هي الحاسمة، كما سأوضح في التوريقة المقبلة.