انتهيت للتو من قراءة رواية (366) للسوداني أمير تاج السر، التي اقتنيتها من معرض الرياض الدولي للكتاب 2014م ضمن عدد من الروايات، وكل روايات القائمة الطويلة للبوكر لعام 2014م إلا أربع روايات لم تكن موجودة في المعرض أو لم أهتدي للحصول عليها وهي: (طشاري.. الإسكندرية في غيمة.. حامل الوردة والأرجوانية.. فرانكشتاين في بغداد). ورواية (366) ضمن القائمة الطويلة، التي نوًه تاج السر في صفحاتها الأولى بـ (تدور أحداث هذه الرواية بين عامي 1968 و1979، وقد بنيت على وقائع حقيقية، حيث عثرت ذات يوم على حزمة من الرسائل مكتوبة بحبر أخضر أنيق، معنونة برسائل المرحوم إلى أسماء، وكانت مشحونة بشدة كما أذكر. ضاعت تلك الرسائل، ولكن بقيت أصداؤها في الذاكرة، ليأتي هذا النص)..
إن أول بداية للرواية: ص9
(أسماء، أيتها الومضة. الزهرة. السحابة.
النبع الذي كان من المفترض أن يسقي، ولم يسق إلا بالقدر الذي كان كافياً لانسحاقي: أن المرحوم، وليس هذا أسمي بالطبع، لأنه الاسم الذي اقترحته المحنة حين اقتربت من النهاية. ...) حتى آخر جملة ص 205: (... . فتحت الدفتر، أضفت بأصبع الجثة الهامدة توقيعي: المرحوم).
تفاعلت مع الرواية حتى آخر جملة وحدث فيها.. تحركت مع أحداثها وتنقلت في أحياء تلك الأحداث: حي الصهاريج، حي البستان، حي الأقباط، وبقية الأحياء.. ركبت مع سائقي الأجرة الذين لم يرشحوا لرئاسة نقابة سائقي الأجرة بسبب الحسد.. زاملت شمس الدين (عاصم) الذي غيَّر أسمه بطلب من خطيبته وزميله ـ العاشق الولهان ـ في المدرسة وعلاقتهما بمدير المدرسة الجديد (المنشغلة يده دوماً بالكتابة أو الأدراج أو جيبه) والقديم الذي ترقى إلى مدير إدارة منطقة تعليمية، عاصرت فضول عفراء وزوجها كولمبس وطفلهما جعفر كثير الصراخ، والراوي بدون رواية ألماني المستهتر صائد السائحات والمهتدى والشيخ أو الصاحب أخيراً.. أحداث كثيرة صاحبها في هذه الرواية.. دخلت بيت الوزير (العاشق لأمونة التي رفضته).. رافقت (المعلم العاشق) في الاعتقال بسبب الجثث الثلاث في بيته إلى أن أخرجه الوزير بكفالة.. كنت بجانبه في عرس (عاصم) الذي حصل على المال من أمه بعد أن باعت عدة أراضي (القاتل الحقيقي لتلك الجثث) حينما يعترف له بأنه من قتل وتسبب في تلك الجثث التي في المنزل.. تعرفت على (ليلك) زوجة الوزير المقال عطية وتاجر العملة حالياً.. تعرفت أيضاً على (والي) أخو (ليلك) موظف اللاجئين في الخارج ذلك الشاب الممتلئ وزناً والقصير طولاً.. رصدت كل المشاعر حينما سمع العاشق لأسماء (مدرس الكيمياء المستقيل) ومعلم (همام) ابن الوزير حالياً أن أسم خطيبة والي اسمها (أسماء) نفس الاسم لحبيبه.. ولكنني صدمت في النهاية من النهاية.. سحتُ في أحداث كثيرة في (205) صفحة من الرواية، التي استحقت أن تكون ضمن قائمة البوكر 2014م.. أرجعت الرواية بعد أن أنهيتها إلى أرفف مكتبتي، وبدأت هذه الخربشات بعدها أخذت رواية (مجاعة) لــ جابر مدخلي والتي سبق وأن أهدانيها منذ مدة حيث فقدتها بسبب ترتيب مكتبتي والصدفة أوقعتها في يدي، وقد كتب لي في الإهداء: (إلى الصديق حسن البطران.. يصبح الخبر ثميناً عندما يكون للجوع مقابل.. ولو كان المقابل لا شيء.. لك هذا الجوع. جابر (26 - 5 - 1434هـ).