انطباعات عن معرض الرياض الدولي للكتاب ولو متأخرة أثرت أن أتوجه بها عبر «الثقافية» الرائعة إلى القائمين على المعرض بهدف الإسهام ولو بملاحظة قد تثري هذا الحدث وتعزِّز من مكانته مستقبلاً وبداية أقول: إن معارض الكتاب تُنظّم في جميع أنحاء العالم وبشكل مدروس ومُتقن لتجعل الناس يقبلون على القراءة بشغف ومتعة بُغية إبراز دورهم الفعَّال في مشاركة المجتمع بأهم دور حضاري ألا وهو القراءة، كما أن هذا الأمر يجعل منها محرِّكًا للمشهد الثقافي في مختلف المجالات العلميَّة والأدبيَّة والفكرية.
إنها مُلتقى حضاري يجمع بين الناس من كافة الثقافات ليتعارفوا فيما بينهم ويكونوا مرآة لمجتمعهم الذي يمثِّلونه.
للوهلةِ الأولى وعندما أقبلنا على المعرض: أعجبتني اللوحات الترحيبية في الخارج وشكل البناء بشكل عام، فوضعتُ بعضًا من الملاحظات وبكل الحب أتمنَّى أن تصل أفكاري لمن يحب أن يقرأ:
- غابت المادّة الوثائقية الفيلمية التي تشكّل اليوم بأسلوبها السّردي تراثًا قيّمًا للأجيال بما في ذلك الأفلام الوثائقية العلميَّة التي يمكن أن تيسَّر وصول الفكرة لملايين الطلبة والباحثين أو العاملين بسلك التدريس والبحث العلمي.
- تشابهت أسماء الكتب بعدّة دور نشر ومن نفس البلد.
- تمّيَّزت دور النشر اللبنانية عن غيرها من دور النشر: بجمال إخراج الصفحة وجودة الورق ووضوح الكلمة في النص إلى ما في ذلك من إبداع في إخراج الغلاف وهو الجزء الأهم برأيي.
- لم يتسنّى لأحد من الروّاد القراءة ولا حتَّى استيعاب فكرة استهلالية عن الكتاب بسبب تكدّس الكتب وضيق الممرّات وعدم وجود أماكن خاصّة للقراءة، ولا حتَّى مقهى ثقافي لتبادل الآراء وتداول الكتب.
- استاءت بعض دور النشر من ترتيب حُجرات العرض: فمنهم من أراد مكانًا بالزاوية ومنهم من فضّل المنتصف.
- تميّز قسم كتاب الأطفال بما توفر فيه من مواد إضافية بألوان زاهيةٍ وألعاب ترويجيّة تحفّز الطفل على التعلم من خلال اللعب.
وبما أن الكتاب الإلكتروني خطف الأضواء من الكتاب الورقي (الذي ظلَّ مهيمنًا وقتًا طويلاً)، وأن العالم اليوم يمر بعصر السرعة والتكنولوجيا: يتطلب ذلك حضور القراءة السريعة التي تتواكب معه وهذا الأمر لا يَتَّفق مع الكتاب الورقي فذهب البعض بوصف (الكتاب الورقي) بأن صفحاته جافة ومجهدة للرؤية، حيث إنك لن تتمكن من التحكم بحجم الخط وشكله خلافًا للكتاب الإلكتروني الذي من الممكن الوصول إليه بيسر وسهولة، كما أن بعض برامج القراءة تحتوي على قارئ صوتي ومحرِّك بحث فائق الدقة وإمكانية الولوج إلى المصادر ومحتويات إضافية عبر ويب.
كان من الضروري وجود مكتبة رقمية تُسعف الباحث عن الكتاب وتُوفر عليه الوقت والجهد خاصة إذا كانت مُبرمَجة وفقًا لمعايير الأتمتة الحاسوبية، لتكون نقلة نوعية من الكتاب الورقي إلى الكتاب الإلكتروني.
حَريّ بنا هنا الإشارة إلى بعض الإشاعات التي تتحدث عن كثرة القراءة من الأجهزة الإلكترونية لوقت طويل: إن لها آثارًا خطيرة على العين، فالشركات العاملة في مجال التقانات العالية تعملُ وبدأبٍ على تطويرِ الحواسيبِ اللوحية والهواتف الذكية المزوَّدة بشاشات ذات دقة عالية وبأقل نسبة اشعاعات ونجحت بذلك مع شاشات «الريتنا «المزوَّدة بها منتجات «أبل» فهي تأخذ بعين الاعتبار وبالدرجة الأولى صحة عيون المستخدم مما يجعل القارئ يواصل القراءة ولا ينقطع عنها؛ وبذلك يُكيّف الإنسان نفسه مع القراءة ويتعايش معها، لا بل وتصبح تشغَل الجزء الأكبر من اهتماماته اليومية.