Saturday 04/01/2014 Issue 424 السبت 3 ,ربيع الاول 1435 العدد

وهذا باب فى التوريق

الصحوة (10)

كيف تقرأ ذاتك

في رواية حكاية وهابية لعبد الله المفلح ترى سارداً صحوياً يقرأ ذاته، وترى الصحوة أمامك عبر ظنون جيلها ثم محاسبة هذا الجيل لنفسه ولظنونه، ولقد تخلقت الظنون عبر نظام الثقة الذهنية فأنت تثق بشخص لكي تتحول هواجس الموثوق به إلى يقين عند الواثق، ولكن هذا الواثق يختزن ذاكرة عن أساليب حجب العيوب الظنية عن المريد الجديد كي لا تنفره المخاوف (ص 145)، حتى لكأنك تقبل بأن تخدع نفسك من حيث إنك تخاتل ذاكرة غيرك ومنها يجري الاندفاع، إذ من شرط الثقة أن تغيب المساءلة والقياس الذهني، لكنه غياب ظرفي فما أن تكبر وتتعرض لهبوب ثقافي حتى تبدأ بقراءة ذاتك وربما تقسو على نفسك حتى لتتحول إلى ساخر يسخر من ذاكرته وذاكرة الجيل المصاحب له خاصة حين تعرض لك قصص تكشف الاختراقات من داخل صفوف الصحوة (ص 304) والراوي لا يفقد تدينه ولكنك سترى ذاكرته تغتسل من ظنونها. هذا ما تخرج به من قراءتك للرواية، وهي نص يضعك في عمق الظنون ويجعلك تفهم الحدث من منظومة الصفات الصانعة للتصور لتدرك أن حدث الصحوة هو حدث سيميائي أي ذهني يتم بناؤه عبر العلامات وليس المقولات مما يجعل الصحوة صيغة ثقافية واستجابة ظرفية وبما أنها كذلك فإنها لا تختفي ولكن تبدل علاماتها حسب المتغير الظرفي كما سنرى لاحقاً.

- عبد الله الغذامي