هو طفلٌ آخر
للهذيان نفسِه
أو:
هو أثقلُ من عينيكَ
هذا الضوءُ
وأخفُّ من إيقاعْ
فارفع يديكَ تساعدان المتبقي حولكَ
على اجترار الظلامْ
هو ذا هناكَ
وراء الصورة التي ثبَّتها الفراغُ
على ارتفاعْ
وعلى رؤوس سنين تتجدَّدُ
كلَّ عامٍ...
وذكريات!
يعود بكَ الحنينُ إليها بضعَ نزواتٍ
وموقفْ
ما زلتَ بعدُ تدور في أفلاكهِ
وتضمِّدُ بالصمت والظلام
كدماتِ أشواكهِ
وصدماتِ أضوائه الخافتاتِ
وجراحَ الكلام
موقفْ
لم يزل يستحضر المنسيَّ فيكَ
ولا يحضّ الغائبين عليكَ
ولا يحرّض حاضراً على سواكَ
غيركَ
موقفْ
أثقلُ من ضوءٍ يغتصبُ عينيكَ
وأخفُّ من إيقاعٍ
يتلاشى في الكلام بلا انتظامٍ
ولا ظلامْ
ولا انشطارُ برزخٍ بين جفنين
ولا منامْ
إلاّ ما بين تلك الإغماءة المشتهاة
وهذا الصحو الأقسى
موقفْ
يتحدّر في ثباتٍ
من وجودكَ إلى عدم
ومن أيمن فوديكَ إلى أيسر قدم
هو موقفٌ، أعلى قليلاً من يدين كريمتين
تلوحان
بلا مصافحةٍ
فواحدةٌ تقلِّبُ صفحاتِ القلبِ
وواحدةٌ تكتبُ وتشطبُ وترسمُ خطوةً في الدربِ
هما اثنتان فقط
بعشر أصابع تنتظر خواتمها الموعودة
فرصةً
تمنحها الدوّاماتُ العابرةُ
من تحت أنفكَ
فكيف للضجيج أن يكون بهذا العلوِّ؟
لا بدّ من التنحّي
جانباً
يا أيها الشاهدُ المنحازُ
إلى نفسكَ
وأنفاسكَ الممتلئةِ بالرمل الهارب من الجوِّ
فالمسافة ما بين ضوءٍ وظلام
كالمسافات التي
لم يقطعها صمتٌ إلى كلام
كلاهما أعلى من جبينك أيضاً
فاذعن لمن قاربَ فيكَ كلَّ ما فيكَ
مبتعداً عنكَ
حائماً حواليكَ
كما أنتَ
موقفْ
وقاربَ بكَ كلَّ ما حولكَ
كهذا الكم الهائل من الأشياء
على الواقع
والمنطق
والمفترضالمعقول جداً
موقفْ
وترككَ في هذيانكَ وحدكَ
تتسلَّى
وتقول:
كنتُ أعرفُ أنَّ الضوءَ سماءٌ
حين تكونُ الأرضُ ظلاما
أو:
كنتُ أعرفُ أنَّ الصوتَ حلالٌ
حين يكونُ الصمتُ حراما
أو:
كنتُ أعرفُ..
ولكنْ؛
منذا سيعرفُ أنني كنتُ سأكون،
متى كان موقف..؟!