Saturday 04/01/2014 Issue 424 السبت 3 ,ربيع الاول 1435 العدد

الصحافة والأندية الأدبية..

تجربة الانتخاب نموذجاً 1-2

شغلت الانتخابات التي أجرتها «وزارة الثقافة والإعلام» لاختيار مجالس الأندية الأدبية، التي بدأت يوم 27-6-1432هـ، حيزاً من اهتمامات الأدباء والمثقفين، وأخذت مساحة من متابعتهم ومقالاتهم تعليقاتهم الصحفية، ولئن كانت الانتخابات الحديثة في الأندية قد ظهرت وسط جو من التفاؤل والأمل بأن تكون العملية الانتخابية تأكيداً لممارسة حديثة جداً، نادى بها الأدباء والمثقفون، فإن من المهم الإشارة إلى أن هذه التجربة لم تكن جديدة كما يُتوهَّم أحياناً، فقد كانت ممارسة حضارية واعية منذ إنشاء الأندية الأدبية، قام بها الأدباء السعوديون في بدء النشأة، وهو ما تحاول الورقة أن تبينه، وتضعه في سياقه التاريخي، تأكيداً على الرغبة الصادقة في إنصاف الأسماء، وتقدير المراحل، وعدم إغفال الحقيقة التاريخية.. آخذة في حسبانها أنها تقدم حادثة ثقافية، وستحاول قدر الاستطاعة أن تشير إلى الآراء التي وصلت إليها، دون أن تدعي الإحاطة والشمول، وستكون دقيقة في نقل هذه الرؤى آخذة في الحسبان أن المادة الموجودة تتفاوت في تقديم معلومات النشر كاملة، من مصدر إلى آخر، لكن ذلك لا يعني التجاوز، أو عدم الدقة والموضوعية في النقل.. كما ستشير الورقة إلى التعاطي الذي تم في الصحافة المحلية مع هذه التجربة القديمة والحديثة في بعض تفاصيلها؛ ما يعطي تصوراً معقولاً عن الإشكالات التي صاحبت تقييم المرحلة السابقة، ونالت المرحلة الحالية، ما بين مؤيد لنزاهة الانتخابات، ومشكك، وجازم بعدم نزاهتها، وهي ورقة تتجه نحو طرح هذه الرؤى من أجل مراحل قادمة تقرأ الماضي، وتفيد من تجاربه ونجاحاته وإخفاقاته أيضاً.

الانتخابات.. السياق الأول:

لقد كان الانتخاب في الأندية الأدبية أمراً حاضراً منذ مراحل التكوين، بيد أن هذه القضية (أعني النص على الانتخابات) لا توجد في اللائحة التي وُضعت للأندية الأدبية صراحة؛ إذ تشير اللائحة الأولى إلى شروط الترخيص للأندية الأدبية، كما تشير إلى الانتخاب فقط حين اختيار نائب لرئيس النادي، وسكرتير، وأمين للصندوق؛ إذ تقول اللائحة الثامنة عشرة (ينتخب مجلس الإدارة من بين أعضائه نائباً للرئيس وسكرتيراً وأميناً للصندوق).

ويلاحظ في مواد هذه اللائحة أنها قد أغفلت انتخاب رئيس للنادي، بيد أن محمد علي قدس يشير إلى أمر مهم، هو أن هذه اللائحة قد صدرت بعد تأسيس الأندية الستة الأولى، وهي (جدة، مكة المكرمة، المدينة المنورة، الرياض، جازان والطائف)، مضيفاً: (لكنها كانت معطلة منذ انتخابات نادي جدة الأدبي الأولى التي جرت في كازينو كيلو عشرة عام 1975م). ويواصل قدس الإشارة إلى انتخابات نادي جدة بإشارته إلى أن (أول مجلس انتُخب كان العواد رئيساً، وعزيز ضياء نائباً، وعبدالله الفيصل ومحمود عارف، وحسن القرشي والمغربي وآخرين أعضاء. وبعد انتهاء الفترة الأولى، أي بعد مرور خمس سنوات، جرت الانتخابات الثانية عام 1982م).

بيد أن من الغريب أن عبدالله الغذامي يقول عن حضور هذه الانتخابات الثانية التي جرت بعد وفاة العواد: (وعقدت جلسة أخرى بعد وفاة العواد، حضرها جمع من «أدباء جدة»). بيد أن قدس يقول عن الانتخابات ذاتها: (وكانت إجراءات الانتخابات نظامية، ولكن بطريقة بدائية، من حيث آليات تسجيل الأصوات، وغياب تام للجمعية العمومية التي تعتبر أساساً رئيساً لأي انتخاب). إن ما أشار إليه «الغذامي وقدس»، وهما شاهدان معاصران للانتخاب من خلال روايتيهما للحضور، يدل على تباين في رؤية الحقيقة التاريخية، بين ما رأى الغذامي أنه حضور لجمع من أدباء جدة، وما أورده قدس من تأكيده على غياب تام للجمعية العمومية! فبين جملة: «جمع من الأدباء» وجملة: «غياب تام لأعضاء الجمعية» فرق يطرح السؤال، ويبحث عن الصواب!

ضياء وريادة الفكرة:

ولعل السؤال المهم هنا هو عن الجذوة التي أوقدت فكرة قيام الأندية الأدبية! فهل كانت مبادرة حكومية أم مبادرة ثقافية شخصية؟ وإذا كانت كذلك فمن صاحب الفكرة، وطارحها؟

إن من المهم الإشارة هنا إلى أن بداية نشوء الأندية الأدبية كانت عبر اقتراح قُدم للأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - أثناء دعوته ولقائه بأربعين أديباً من مختلف أنحاء المملكة؛ لدراسة وتنظيم إحياء سوق عكاظ، وهو ما يشير إليه عبدالفتاح أبو مدين حين يقول: (لقد أثمر ملتقى بعض الأدباء بالأمير الشاب يومئذ فيصل بن فهد بن عبدالعزيز بأن تنشأ أندية أدبية، حددت يومئذ بستة، حسب ممثلي المناطق الذين التقوا بالأمير في الرياض ومكة والمدينة وجدة وجازان والطائف. وقدم أولئك النفر للأمير حسب استجابته لما أرادوا طلبات إنشاء أندية، كل باسم بلده، وتلقوا الموافقة عليها خلال اليومين اللذين كانوا فيهما في الرياض، ثم عاد كل منهم إلى بلده ليكون مجلس إدارة لناديه).

ولأن العواد وعزيز ضياء هما من حضر، فقد جاءت الإجابة لهما (بعد اختيار الرجلين اللذين قدما طلب إقامة ناد للأمير فيصل، ليكونا قائدي النادي، رئيساً ونائباً له، وهما من تلقى الموافقة في كتاب موجَّه إليهما).

وهو الأمر الذي شجَّع بقية الأدباء على تقديم طلبات مماثلة؛ إذ ينقل العواد أن أحمد سباعي ومحمد حسن فقي وإبراهيم فودة تقدموا بطلبات مماثلة لتأسيس ناد بمكة المكرمة، فأجيب الطلب، ثم توالت الأندية في الرياض والمدينة والطائف وجيزان.

لقد كان إنشاء الأندية الأدبية إجابة لطلب قدمه بعض الأدباء كما سبق، وتشير بعض الأوراق الرسمية التي أوردها عبدالفتاح أبو مدين إلى أن هؤلاء الذين أرسلت لهم الخطابات «يعدون» إدارة مؤقتة لحين صدور اللائحة المنظمة؛ إذ يتضمن خطاب مدير إدارة الأندية الأدبية إبراهيم الشامي لكل من محمد حسن عواد وعزيز ضياء قوله وهو يورد نص ما وافق عليه ولي العهد بصرف إعانة مالية قدرها مائتان وخمسون ألفاً، مضيفاً بما نصه (وحتى يمكن صرف الإعانة المذكورة فإن صاحب السمو الملكي الرئيس العام لرعاية الشباب قد وافق على الآتي:-

1 - اعتبار المؤسسين لكل نادٍ أدبي هم مجلس إدارته المؤقت، وذلك لحين صدور اللائحة المنظمة، وتشكيل مجلس إدارة دائم).

إن ذلك يعني أن خطوة نادي جدة الأدبي في إجراء الانتخاب لاختيار مجلس الإدارة قد تمت بعد صدور موافقة الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب، وقبل صدور اللائحة فيما يبدو! ومع أن الخطاب الرسمي بالموافقة لم يتضمن وضع آلية للانتخابات إلا أن العواد وضياء قد مارسا دوراً ثقافياً مهماً حين دعيا إلى إجراء الانتخابات لأعضاء النادي، وقد فاز كل منهما بواحد وعشرين صوتاً، بيد أن الذكريات والأوراق الرسمية لم تُبِن لِمَ تم اختيار العواد رئيساً؟ إلا أنني أعتقد أن تقدم اسمه في خطاب الموافقة كان له دور في ذلك، إلى جانب كبر سنه.

ومع كل ذلك فإن مبادرة «العواد وضياء»، وممارستهما الثقافية الانتخابية، تعد سابقة فردية استبقت الفعل الرسمي الذي لم يمانع بل دعم وأيد. بيد أن هناك إشارة مهمة لم يشر لها «أبو مدين» وهو يتحدث هنا عن البدايات! هي أن صاحب فكرة إقامة هذه الأندية هو «عزيز ضياء»، ؛ إذ يشير نادي الرياض الأدبي في تقديمه لمناشطه في كتاب «المنتديات والأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية» إلى قضية مهمة تتعلق بصاحب الفكرة في اقتراح إنشاء الأندية الأدبية؛ إذ جاء في مقدمته وهي تتحدث عن الاجتماع العكاظي الذي أطلق الأندية الأدبية: (وكان الاقتراح المبدئي هو إحياء سوق عكاظ بصيغة جديدة، وبعد المناقشة كان الفوز لفكرة تقدم بها الأديب عزيز ضياء، وهي إنشاء أندية أدبية في أمهات المدن السعودية، وقد بارك سموه هذه الفكرة). بل إن العواد ذاته لم يشر لذلك، بل يقول عن لقائه هو وزميله عزيز ضياء بسمو الأمير فيصل بن فهد (فابتدرنا - أنا وزميلي الأستاذ عزيز ضياء - ولم يكن في المكان سوانا من الأدباء الذين دعوا من مدينة جدة. ابتدرنا سموه بهذا الوصف: هل سنحصل على موافقة رسمية «حكومية» لو قدمنا إلى سموكم طلباً بالإذن لتأسيس ناد أدبي؟).

وأكاد أجزم بأن العواد لن يتردد لو كان هو صاحب الفكرة في الإشارة إلى أنه هو صاحبها، بل إنه لن يتردد في الإشارة والإشادة بها، وبذاته التي اقترحت هذه الرؤية، كما هو ديدنه في بعض كتاباته - رحمه الله، كما أن تقديم نادي جدة لم يشر إلى هذه القضية المهمة! إذ يرد في تقديمه ما نصه (دار حوار بين سمو الأمير فيصل بن فهد والأدباء في آخر أيام المؤتمر مساء الثلاثاء 28 من شهر صفر عام 1395هـ، الموافق 21 مارس 1975م، وقد كان عن الحاجة لإنشاء أندية أدبية تدعمها الدولة على غرار الأندية الرياضية، فأبدى سموه ترحيباً بالفكرة، وأنه سيوافق على أول طلب يتقدم به الأدباء).

إن البدايات تستحق العناية والاهتمام. ولئن كانت الإشارة إلى أسبقية ضياء في الدعوة لإنشاء هذه الأندية استحقاقاً تجب الإشارة إليه، والإشادة به، فإن من المهم الإشارة أيضاً إلى قضية أخرى، وهي تساوي عزيز ضياء في الأصوات مع محمد حسن عواد في الانتخابات الأولى التي يشير إليها أبو مدين، وهي التي حضرها كما يقول أكثر من مئة أديب ومثقف وصحفي، وهي معلومات استقاها أبو مدين - كما يقول - من مستندات النادي التي طلبها من محمد علي قدس بعد أن شرع أبو مدين في الكتابة عن حياته. بيد أن تفاصيل مهمة عن الطريقة التي تم بها اختيار العواد لرئاسة النادي، بعد تساويه في الأصوات مع عزيز ضياء، لم تشر لها الروايات الموجودة في هذه الكتابات، وقد تكون التفاصيل في مراجع أخرى، وفي صدور الرجال الذين حضروها..

وإذا كان نادي جدة قد مارس العملية الانتخابية فإن نادي مكة الثقافي الأدبي لا يشير في مقدمته إلى الانتخابات صراحة في مرحلته الأولى، وإن كان خطاب الموافقة على إنشاء النادي يضع اسم أحمد سباعي في المقدمة؛ إذ يبدأ سباعي في عمله، لكنه يتجه للانتخاب بعد ذلك. تقول مقدمة النادي (إنه بناء على موافقة الرئيس العام لرعاية الشباب فقد تألفت لجنة تحضيرية للنظر في أمر تأسيس النادي واتخاذ ما يلزم مبدئياً لإنشائه. وقد وضع اسم أحمد السباعي رئيساً لهذه اللجنة، الذي وجه دعوة للمثقفين لحضور الاجتماع بمقر المجلس البلدي بفرع أمانة العاصمة بالزاهر، بعد صلاة مغرب الثلاثاء 12 - 13-3-1995م، وقد جرى انتخاب اللجنة التأسيسية برئاسة الشيخ أحمد السباعي. بيد أن رؤية النادي بعد ذلك تعدد خمسة وعشرين أديباً لهذه اللجنة، ثم تقول: (هؤلاء هم أعضاء الجمعية التأسيسية لنادي مكة الثقافي وفقاً للخطابات الموجهة من سعادة رئيس النادي الأستاذ أحمد السباعي).

إن الذي يبدو أن الانتخاب لرئاسة النادي كان تالياً لانتخاب اللجنة التأسيسية؛ إذ يمارس بعد ذلك «أحمد السباعي» عمله بوصفه رئيساً للنادي، ويرى من صلاحياته دعوته الأعضاء لمناقشة المقترحات التي أبداها عبدالله الزيد ومحمود زيني بشأن اللائحة الداخلية للنادي، ورغبة رئيس النادي أحمد السباعي في انتخاب رئيس للنادي. وقد تم الانتخاب الجديد للمجلس برئاسة إبراهيم أمين فودة يوم 16-10-1395هـ، ثم عقدت الجمعية العمومية لنادي مكة الثقافي اجتماعاً مساء الخميس 18-6-1398هـ لانتخاب رئيس للنادي وأعضاء لمجلس الإدارة، وتم في الاجتماع انتخاب الأستاذ إبراهيم فودة رئيساً للنادي. ويبدو أن الإشارة إلى الانتخاب كانت صريحة واضحة من قِبل أحمد سباعي الذي مارس دوراً حضارياً بعد ورود خطاب الموافقة باسمه.

بيد أن مرحلة الانتخاب تتوقف بعد التمديد لهم أربع سنوات، تنتهي في 18-6-1406هـ، ثم يصدر قرار بعد ذلك من الرئيس العام لرعاية الشباب بتشكيل مجلس جديد لإدارة نادي مكة الثقافي الأدبي برئاسة د. راشد الراجح دون الإشارة إلى الانتخاب، بل يبدو الأمر تعييناً مباشراً.

أما نادي الرياض فيشير في مقدمته إلى الدعوة للاجتماع بصيغة الفعل المبني للمجهول؛ إذ يرد نصه (وعقب صدور الموافقة على إنشاء نادٍ أدبي بالرياض، دُعي إلى اجتماع عام لأدباء المنطقة الوسطى في منزل الشيخ عبدالله بن خميس، وقد خلص المجتمعون إلى انتخاب مجلس إدارة، يضم الأساتذة عبدالله بن خميس رئيساً وعبدالله بن إدريس - عبدالعزيز الرفاعي - عمران العمران - أبو عبدالرحمن بن عقيل - محمد الحمدان - عبدالله الماجد). ثم يشير إلى تغيير مجلس الإدارة عام 1398هـ برئاسة أبو عبدالرحمن ابن عقيل، دون إشارة للانتخاب؛ إذ يقف القرار الرسمي أمام استمرار عمل الانتخاب، ويتضح ذلك إثر صدور اقتراح الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد، وتأييد أمير منطقة الرياض آنذاك الأمير سلمان بن عبدالعزيز عام 1401هـ، بتعيين مجلس جديد برئاسة عبدالله بن إدريس.

ويكوِّن نادي المدينة المنورة الأدبي مجلس إدارته المؤقت من الأسماء التي صدرت بأسمائهم الموافقة، وهم (عبدالعزيز الربيع - حسن صيرفي - محمد هاشم رشيد - عبدالرحمن الشبل - عبدالرحيم أبو بكر - محمد الخطراوي). ولا تفيد معلومات النادي في مقدمته بوجود انتخاب لرئيس أو أعضاء، حتى عام 1400هـ؛ إذ تجتمع الجمعية العمومية لانتخاب مجلس إدارة جديد دون الإشارة إلى اسم الرئيس أو نائبه أو المسؤول المالي والسكرتير!

وفي العام ذاته 1395هـ تصدر موافقة الرئيس العام لرعاية الشباب على إنشاء نادٍ في منطقة جازان، وقد وجّه الخطاب للحاضرين اجتماع «عكاظ»، وهما محمد بن أحمد العقيلي ومحمد بن علي السنوسي، وقد تم عقد أول اجتماع بمقر مركز الخدمة الاجتماعية في حي المطلع، بحضور اثني عشر عضواً، واتخذوا أول قراراتهم بأن يكون محمد العقيلي رئيساً ومحمد السنوسي نائباً للرئيس، ثم أُعيد تشكيل المجلس بمقتضى اللائحة عام 1400هـ، بيد أن العام 1400هـ كان عام توقف الانتخاب في نادي جازان، والعودة إلى التعيين عبر خطاب موجّه من الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد - يرحمه الله - إلى الأستاذ عمر طاهر زيلع، جاء فيه بعد السلام (فأشير إلى قيامكم في الفترة الماضية بأعمال رئيس النادي بالنيابة، وحرصكم المستمر على استمرار النادي بعمله، ومعكم الزملاء أعضاء التشكيل الجديد للنادي، الذي هو على النحو الآتي:

1 - حجاب يحيى الحازمي - رئيساً.

2 - عمر طاهر زيلع - سكرتيراً.

هذا بالإضافة إلى بقية الأعضاء، مع اعتماد العضو الجديد للنادي إبراهيم مفتاح، ولكم تحياتنا). وهو ما يشير إلى تدخل القرار الرسمي بفرض التعيين مجدداً.

وتتم الموافقة في العام ذاته على طلب الأعضاء المؤسسين لنادي الطائف الأدبي، بيد أن عدد الأعضاء لم يكن عضوين كما جاء في موافقة أندية مكة المكرمة وجدة، بل كان باسم اثني عشر عضواً، وكان الاجتماع الأول قد عقد في مطبعة الأستاذ محمد بن خلف الزايدي في عام 1396هـ حيث يجتمع الأعضاء ليقرروا اختيار علي العبادي رئيساً، ومحمد الشقحاء أميناً للسر، وعبدالله سعيد جمعان أميناً للصندوق، بيد أنه لم تتم الإشارة صراحة إلى «الانتخاب»، بل تأتي الإشارة إليه في اجتماع مجلس إدارة النادي عام 1400هـ؛ إذ يشير إلى أن الجمعية العمومية قد عقدت اجتماعها لانتخاب مجلس جديد، وتم اختيار سبعة أعضاء، وذهبت الرئاسة للرئيس الأسبق علي العبادي، في حين تولى محمد سعيد كمال نائب الرئيس، وجاء محمد الشقحاء أميناً للسر، وعبدالله سعيد جمعان أميناً للصندوق.

إن ما سبق يشير إشارات مهمة إلى أن الانتخاب كان فعلاً حضارياً، مارسه الأدباء منذ نشأة الأندية الأدبية، وباركه القرار الرسمي في حينه، وهو ما تمت الإشارة إليه في المصادر المتأخرة، بيد أن الغريب أن الإصدار الذي أصدره نادي الرياض الأدبي عام 1405هـ، ثم أعاد نادي الطائف الأدبي طباعته عام 1407هـ، لم يشر إلى قضية الانتخاب، بل إن الأمر ليغدو غريباً حين لا تشير وكالة وزارة الثقافة والإعلام ذاتها إلى هذه المرحلة التاريخية المهمة من تاريخنا الأدبي، حين بدأ مسؤولوها يتحدثون عن الانتخابات الجديدة؛ فالسياق الثقافي والأدبي الموضوعي لتجربة الانتخاب لا يمكن أن يتجاوز هذه البدايات المهمة، وتجاهلها عند الحديث عن الانتخابات الحديثة، حيث تورد صحيفتا «اليوم» و»سبق» تقريراً متشابهاً عن الانتخاب الذي أقرته الوزارة، وهو تقرير صادر عن الوزارة، يشير فيه المتحدثون إلى هذه الخطوة الجديدة! إذ جاء في التقرير: (قررت وزارة الثقافة والإعلام ممثلة بوكالتها للشؤون الثقافية اتخاذ الانتخابات بديلاً أنسب في الفترة المقبلة، لاختيار مجالس إدارات الأندية الأدبية بديلاً عن التعيين الذي اقتضته ظروف عدة، وفرضته كخيار مثالي في ذلك الوقت). إلى أن يقول: (وانطلقت أولى تجارب الانتخابات من نادي مكة الأدبي). ثم يقول التقرير بعد ذلك (فالحقيقة الراسخة الآن أننا أصبحنا أمام مرحلة جديدة من مراحل تطور ونمو الأندية الأدبية، مرحلة يكون فيها المثقف والمثقفة المسؤولَين وعلى هذه القاعدة الصلبة والمتينة).

إن خروج هذا التقرير يُعد إشارة مهمة إلى أن هناك انقطاعاً في رؤية العملية الانتخابية؛ إذ هُمشت المرحلة الأولى، ودور الأدباء الرواد فيها، وتم تجاهل دور القرار الرسمي، ودور الأمير فيصل بن فهد - يرحمه الله - في مباركة ومساندة العملية الانتخابية، واتجه الخطاب الإداري الحالي ليكرس ذاته الآنية، عبر تأكيده على حداثة التجربة، مذكراً فقط بمرحلة التعيين التي سبقت الانتخابات الأخيرة مباشرة..

وإذا كانت الصحافة هي موطن تكريس الخطأ، فقد كانت هي أيضاً موطن الإشارة إلى خطئه؛ إذ يوضح محمد علي قدس عدم دقة هذا التقرير، وينقل ملحق جريدة الجزيرة «الثقافية» رؤيته حيال هذا التقرير بقوله: (نفى أمين سر نادي جدة الأدبي الأسبق القاص محمد علي قدس ما ذكرته بعض الصحف التي نشرت خبر نتائج نادي مكة في إطار عبارة (المرة الأولى في تاريخ الأندية الأدبية أن تحدث هذه الانتخابات) قائلاً: هذا غير صحيح. مبيناً أن صدور اللوائح الجديدة للأندية الأدبية التي بدأت الأندية الأدبية في تطبيقها لم يكن غريباً ولا مفاجئاً كما كتب البعض. ثم يشير إلى انتخابات نادي جدة الأدبي المبكرة جداً، التي كان أحد شهودها.

لقد كان السياق الثقافي والإداري لوكالة الوزارة للشؤون الثقافية يقتضي الاتكاء على المعلومة التاريخية الحقيقية في هذا الجانب، بل إن المؤمل أن تكون هذه الوكالة هي أول من يبادر إلى تسجيل ذلك، والإشارة إليه، وتصحيح الرؤى التي تتجاهله! فالبدايات الانتخابية كانت مع نشوء الأندية الأدبية، وهي انتخابات بدت في ظاهرها صحيحة وسليمة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار شهادات بعض الذين حضروها. ويمكن الإشارة هنا إلى ما اعتور بعض الشهادات التي تحدثت عن هذه التجربة من قلق، فعبدالله الغذامي يبدو موقفه متناقضاً في شهادتين قدمهما، إحداهما لملحق «الثقافية»؛ إذ يقول: (وأنا أذكر هنا أن الانتخابات التي خضناها في عام 1400هـ في جدة كان التصويت فيها يسجل مباشرة على السبورة، وكان الأستاذ محمد علي قدس يمسك بطبشورة، ويرصد الأسماء والأصوات أمام الجميع، وما زال الأستاذ قدس يحتفظ بصورة فوتوغرافية للسبورة وعليها النتائج، وهي وثيقة مهمة جداً برأيي، وفيها شفافية عالية، ولا مجال لتسرب الظنون أبداً حول جمع الأصوات أو فرزها أو ما شابه ذلك).

بيد أن الغذامي ذاته هو الذي قال عن الانتخابات ذاتها في مكان آخر: (ولقد حدث أثناء تسجيل الأصوات أن جرى تجاوز صوتين على الأقل لم يُسجَّلا لي، ولقد لاحظت ذلك وقتها، لكني لم ألجأ للشكوك، وإساءة الظن). ثم يقول بعد ذلك (حتى إنني لم أعترض على عدم تسجيل صوتين لي، واحتسابهما لزميل آخر، ولقد حال دون اعتراضي أن الخطأ وقع مع زميل لي في الجامعة أكنُّ له تقديراً خاصاً، ولم يكن طرفاً فيما حدث، وكان اعتراضي سيبدو وكأنه اعتراض على الزميل وليس على إجراء انتخابي).

ويشير عبدالله حامد إلى موقف الغذامي المتناقض السابق في هذه القضية حين يقول (ولعل مما زاد في الوهم هو التناقض الذي وقع فيه د. الغذامي في تقييمه لانتخاباتهم تلك، فهو في حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية يشكك في نزاهة هذه الانتخابات؛ إذ يشير إلى عدم تسجيل صوتين له، ثم يأتي في «الثقافية» العدد 345 ليصف تلك الانتخابات بأنها كانت ذات «شفافية عالية، ولا مجال لتسرب الظنون أبداً حول جمع الأصوات أو فرزها أو ما شابه ذلك»).

الانتخابات الحديثة والنزاهة:

عادت وزارة الثقافة والإعلام إلى تنشيط عملية الانتخابات في الأندية الأدبية، واتخذت قرارها من خلال رؤية تدعم استقلال المؤسسات الأدبية، وتريد - حسب منشورها - أن يمارس الأدباء والمثقفون حقهم في إدارة الأندية الأدبية من خلال من تختارهم الجمعيات العمومية.

وقد تمت الانتخابات بالفعل، ولكنها لم تمر مروراً طبعياً مثل «الانتخابات البلدية» و»انتخابات الغرف التجارية» وانتخابات «الأندية الرياضية» في المملكة العربية السعودية، فبعد انتهائها بدأت الأصوات المنتقدة والمشككة تكتب وتتحدث! وبدا هناك ما يؤكد أن الانتخابات محل شكوك كبيرة، ليس من حيث التجربة الأولى، وهو ما يحاول بعض منسوبي الوزارة الاتكاء عليه، فقد كان السؤال يتحدث أحياناً عن وجود انتخابات أو لا! وقد تجاورت مع هذه الآراء آراء قليلة تقول بنزاهة هذه الانتخابات وسلامتها، وقد جاء هذا على لسان مسؤولي الوزارة، بمن فيهم وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، والمدير العام لإدارة الأندية الأدبية، وبعض الأصوات الأخرى التي تعد قليلة إذا ما قيست بالأصوات الأخرى، فهذا علي الموسى يؤكد لجريدة الحياة نزاهتها قائلاً إنها (لم تشهد تزويراً أثناء العملية الانتخابية)، مؤكداً أن ما جرى في مدينة أبها كان عبارة عن (حملة تجييش مؤدلجة ضد الانتخابات، فهناك أطراف كانت تعتقد بأن فوزها بالمجلس كدخولها لمكتب إرشاد). كما يذهب عبدالله العمري إلى ذات النتيجة، ويذهب إلى تحليل موقف الطاعنين في انتخاب أدبي أبها عبر تحميله أبعاداً أيديولوجية، كما ذهب الموسى، ويرى العمري في لغة عمومية أن (الكل يشهد على نزاهة الانتخابات، كونها تعقد لأول مرة).

ويبدو في لغة الدفاع هنا تحولها إلى أسلوب دفاعي، دون الارتهان إلى تحليل الموقف من خلال رؤى وآليات الطعون التي قدمت وسلامتها وقوتها، أو ضعفها وعدم أهميتها! كما يقع الدفاع في لغة عمومية تصادمية اتهامية، تجمل الكثير من التصورات والأحكام الناتجة من حماس الدفاع فقط! إذ يقرر العمري في لغة عمومية سلامة الانتخاب، مستدلاً بأنها تعقد لأول مرة!!! مع أنه لا ترابط منطقياً بين أوليتها - إن صحت الأولية - وسلامة آليتها، ثم يقع العمري في خطأ تاريخي حين يزعم بأنها تعقد لأول مرة! وهو خلل ناتج من عدم متابعة المشهد الأدبي، وقراءة بداياته في المملكة العربية السعودية. ثم يتحول تأكيد نزاهة الانتخاب إلى التأكيد على أن هناك «اتفاقات من أكاديمي تحالف مع داعية بارز في المنطقة ليعزز هذا الأكاديمي من موقفه تجاه التشكيك!». وإلى ذات النهج يذهب علي القاسمي حين يربط بين الطاعنين في الانتخابات برباط أيديولوجي، ويحمل بلغة هجائية اتهامية ضد الطاعنين على انتخابات نادي أبها الأدبي، ويرى بأنهم (فئة تنتمي «للمثقف السعودي» ممتلئة بكثير من الأمراض التي لا يرجى برؤها، وتعاني شوفينية هائلة مبنية على فراغ ولا علاج لها إلا أن تستبعد عن المشهد الثقافي، ويعلن عنها بالاسم الصريح.. يجاهد مثقفون عبر مكالمات المساء وصفحات التواصل الاجتماعي والرسائل المتبادلة لبعثرة نادي أبها الأدبي وإسقاط مجلس إدارته).

ويسير حسن عامر ذات الاتجاه نحو «أدلجة» الطاعنين؛ إذ يقول: (لا يمكن وصف ما يحدث في بعض الجمعيات العمومية للأندية الأدبية من عراك وتشكيك في نتائج الانتخابات، ووصول الأمر إلى اتهامات شخصية لا تمت للثقافة والأدب، إلا بأنه فصل جديد من توظيف صراع التيارات الفكرية في كل مناطق الحياة، وجزء من محاولات دائمة للقفز فوق أسوار الأندية الأدبية حتى وإن كان القافز لا يقيم سطراً دون أخطاء إملائية وأسلوبية، فالقضية لدى هؤلاء والهاجس الرئيسي هو السيطرة على كل شيء وتوجيهه حسب رغبة وميول «الإخوة»).

إن اختياراً سريعاً للغة المدافعة هنا عن نزاهة الانتخاب عبر التشكيك والاتهام في الطاعنين سيلحظ فيها مفردات خاصة من مثل: «حملة تجييش مؤدلجة - مكتب الإرشاد- تحالف أكاديمي مع داعية مشهور - يجاهد مثقفون - ميول الإخوة»، وهو ما يكشف أن اللغة التي دافعت عن نزاهة الانتخاب لم تتجه نحو الانتخاب ذاته؛ لتعزز نزاهته بأدلة موضوعية حضارية، تناقش الطعون وسلامتها كما كان مفترضاً، بل تجدها قد تمترست في موقف المدافع الذي يتحول من القضية الأساسية (الطعون الانتخابية وموضوعيتها) إلى الطاعنين واتهامهم بالأدلجة والأمراض! إذ يبتعد الخطاب عن القضية الأساس ليشخصن موقفه من خلال رفض ومصادرة الطاعنين، ويلبسهم لباساً خاصاً للاستعداء والتخويف! وهو مأزق أيديولوجي ماكر، ونسق مخفي قاتل، يصنع الانتصار للذات وتوجهاتها على حساب القيمة الحقيقية التي كان سيكسبها لو بحث عن أدلة الطاعنين وناقش صحتها وموضوعيتها أو جورها وضعفها، وهو ما كان يمكن أن يصنع خطاباً حضارياً يخلص فيه النقاش للحقيقة وحسب، دون الارتهان إلى مواقف الرفض والمصادرة التي تتبرأ منها التجربة الحضارية الانتخابية أصلاً! فالوعي الحضاري والأخلاقي للقضية يحتم السؤال عن الآلية ذاتها، سواء فاز من نؤمل أو خسر! ولعل هذا المأزق هو ما يكرس لغة الردود المتبادلة؛ إذ ينفي عبدالله حامد هذه النغمة التي تحاول جر الطاعنين إلى مقصلة الأدلجة، متحولاً هو الآخر إلى الدفاع عن الأشخاص، لا الحديث عن التجربة وإشكالاتها؛ إذ يقول في رده على تهمة الأدلجة التي قدمها الموسى، وما كتبه قبله القاسمي والعمري وعامر بقوله: (تهمة مكرورة لا تستحقها أبها المتنوعة، وأتحدى علي الموسى أن يثبت صحة ادعائه هذا! وأسماء المترشحين لمجلس الإدارة موجودة ومعلومة، وهم أبناء النادي المعروفون الذين يمثلون طيفاً من الاتجاهات المتنوعة، بل إن تنوع المترشحين من الطاعنين ميزة أبهاوية جميلة، فمن الطاعنين في الانتخابات من كتب القصيدة الحديثة منذ سنوات طويلة! ومنهم من هو مغروس في الأدب النصوصي الرقمي، ومنهم من يتبنى رؤية الأدب الإسلامي ومن حقه ذلك! إلا إن كان الموسى يفصل المترشحين بحسب رأيه واتجاهه ورغبته، وفق نسقية حديثة تدعى نظرياً الشفافية والتعددية وحق الآخر، وتنفيه حين يتعارض مع توجهاتها). ثم يضيف (إن هذه الانتخابات أكدت له من جديد سلامة رؤية عبدالله الغذامي حول «الليبرالية الموشومة»).

بيد أن ذلك لا يعني خلو المشهد من بعض الشهادات التي تؤكد سلامة الانتخاب بلغة هادئة، بعيدة عن الاتهام؛ إذ تقدم وجهة نظرها في سلامة الانتخاب، دون التحول نحو الطاعنين فيها، وشخصنة مواقفهم؛ إذ يؤكد عبدالله الدوسي أن انتخابات نادي جدة كانت نزيهة، وتشاركه نبيلة محجوب في ذلك وتقول (لا بد أن نحتفي بانتخابات أدبي جدة كتجربة ناجحة).

إن المتأمل في الخطاب المدافع عن نزاهة الانتخاب يجده مختلفاً، وفق فهم العملية الانتخابية وما صاحبها؛ إذ ينحو في جدة نحو التعبير المباشر عن القناعة بسلامة الانتخاب ونزاهته، بينما يجده في أبها خطاباً عاطفياً وعظياً بامتياز؛ فهو لا يتحدث عن مستندات وأدلة الطاعنين، ويتملاها ويناقشها، ويختلف معها، ويجادلها، بل يأتي الخطاب هنا هجائياً اتهامياً مباشراً يتعرض للأشخاص لا للموضوع! وهو مأزق إشكالي في فهم وقراءة العملية الانتخابية، التي يغدو فيها الطعن أمراً مشروعاً بل منجزاً واستحقاقاً حضارياً، وهو كذلك يدل على أن التجربة الحديثة نسبياً قد ولدت معها قصوراً في الرؤية الحضارية نحو الانتخاب، فالطعن حالة حضارية، ومحاولة إقصاء الآخر؛ لأنه ذو مواصفات معينة، خطأ في تصور الحق المكتسب الذي تمنحه الانتخابات لكل من دخل بوابتها؛ ولذا من السهل جداً أن نصادر ونقضي على نزاهة ومشروعية الانتخاب إذا ما مارسنا هذه العملية برؤية أحادية وفق رؤيتنا لما نريده نحن من الطاعنين لا ما تريده العملية الانتخابية! وبالتالي فلم يكن غريباً أن يفشل هذا الخطاب الدفاعي عن الانتخابات عبر «تتير وأدلجة» الطاعنين مع أول اختبار موضوعي لسلامتها من خلال القضاء الذي أثبت بطلان انتخاب نادي أبها الأدبي، وحل مجلس إدارته عبر «صك قضائي نهائي» يشير صراحة إلى هذه الأخطاء، وهو مأزق آخر وقع فيه الخطاب المدافع عن نزاهة الانتخاب عبر الاتجاه نحو الأشخاص لا للقضية ذاتها! وكان قرار معالي الوزير إعادتها استجابة لذلك؛ ما يعني أن الخطاب الثقافي الرافض للطعن كان يجب عليه أن يناقش الموضوع، ويستحضر الأدلة؛ لكي لا تكون استنتاجاته بعيدة عن الرؤية القضائية الموضوعية، فتلك شروط ديمقراطية الانتخاب، واستحقاقاتها.

...يتبع

- د. عبدالله أحمد حامد