«لم تكن جمعية نادي حائل العمومية وانتخاب مجلسها تعانيان من عسر هضم، وأتمنى ألا نرى مستقبلاً ما يشبه هذا في بقية أنديتنا، بل سارت الأمور بأريحية الرجل والمرأة الحائلية منذ اللحظة الأولى إلى إعلان النتائج بدليل التنازلات التي شهدها المجلس بين الرجال والنساء حيث تنازل رجل لامرأة عن منصب وفعلت ذلك امرأة من أجل رجل آخر».
هذا مقطع من مقال لي كتبته في السادس من شعبان لعام 1432هـ بعد أن رافقنا وزارة الثقافة والإعلام كوفد إعلامي لحضور انتخابات نادي حائل الأدبي، ولم نكن نستشرف حينها أن نصل لهذه اللحظة التي تعود فيها الوزارة عن قرارها، وتصاب بما يشبه «عسر الهضم» بمشكلات الأندية والمثقفين، وتعجز عن إيجاد الحلول لذلك إلا بالعودة والنكوص عن الانتخابات، ولن يتخيل أحد لم يحضر مجريات ذلك الانتخاب كيف جرت تفاصيله، وكيف كانت تباشير الفرح تعلو وجوه الجميع على تلك التجربة التي من شأنها أن تعلي من قيم الانتخاب وتعزز آثاره في الوسط الثقافي مهما شابها من أخطاء وقصور، فالأكيد أنها ستتجاوزه حتماً في مرحلة ما تصل فيها إلى نضج يفضي إلى سيرها دون مشكلات.
إن اختلاف المثقفين حول العودة إلى التعيين -بالرغم من نفي معالي الوزير لذلك- أو البقاء على الانتخابات هو البيئة الأكثر ضماناً وأماناً لوزارة الثقافة لضمان حرية الاختلاف، فالمثقفون -وعلى رأسهم الدكتور عبدالله الغذامي- يرون أن الانتخابات ليست منّة من الوزارة عليهم ولا أعطية تسحب منهم متى شاءت الوزارة أن تسلبهم هذه التجربة الفريدة.
العجيب أن يبرز طرف في القضية يرى أن المثقفين لم يكونوا بقدر التجربة ومستواها، إذ كثرت خلافاتهم ومشكلاتهم وارتفع ضجيجهم، ولم يحسنوا اهتبال الفرصة التاريخية التي منحتها لهم الوزارة باعتماد آلية الانتخاب، حتى وصل بهم الحال إلى وصف المرحلة بالطفولة الثقافية والنزق معتبرين أن العودة للتعيين هي الحل الأسلم والأضمن لاستمرار العملية الثقافية بكل سلاسة، والطريق الأكثر توازناَ من بقاء الأندية بآلية الانتخاب لكامل مجالس إداراتها، ولعلي هنا أستحضر تصريحاً قديماً للدكتور سعد البازعي يقول فيه إنه لا يتخيل مشهدًا ثقافيًا هادئًا، ولعل رؤية الدكتور سعد هذه هي الأقرب لمشهدنا الثقافي، بل وكل البيئات الثقافية المشتعلة بحراك مثقفيها وخلافاتهم وضجيجهم، وربما لو دقق المتابع في مصطلحات المشاهد الثقافية لوجدها لا تخرج عن دوائر الصراع والحراك والحروب والخلافات وتلك حتماً هي ملحها وسر ديمومتها والمحفز الدائم على التفاعل معها والانغماس في أجواءها وتفاصيلها.