أَيُّهَا الشَّاعِرُ العِرَاقِيُّ(*) مَهْلَا
لا تَزِدْنِي عَلَى الصَّبَابَةِ جَهْلَا
مُرِضَتْ بِالعِرَاقِ لَيْلَى وَلَكِنْ
كُلُّ مَنْ بِالعِرَاقِ عَنْهَا تَخَلَّى
لَمْ تَجِدْ فِي العِرَاقِ إِلاَّ قِتَالاً
طَائِفِيّاً يُمَجِّدُ النَّزْفَ قَتْلَا
قَسَّمُوه مَذَاهِباً وَتَوَلَّوا
بَعْدَمَا أَحْرَقُوه فِيْمَنْ تَولَّى
كَيْفَ تَلْقَى لَيْلَى أَطِبَّاءَ قَلْبٍ
مَسَّه الحُبُّ فَاكْتَوَى وَتَجَلَّى؟
حِيْنَ أَمْسَى الفُرَاتُ نَهْرَ دِمَاءٍ
بَعْدَمَا كَانَ بِالحَيَاةِ يُحَلَّى
دِجْلَةُ الخَيْرِ فِيْه بِالشَّرِّ تَجْرِي
كَيْفَ تَرْوِي العِرَاقَ حُبّاً وَنَخْلَا؟
إِيْهِ عَدْنَانُ ضَاقَ بِالبَوحِ شِعْرِي
كُلَّمَا طَافَ بِالصَّدَى قَالَ كَلَّا
عُقَلاءَ العِرَاقِ هَذَا لِمَاذا؟
جَنَّةٌ في العِرَاقِ بِالنَّارِ تُصْلَى
كَيْفَ أَمْسَتْ؟ جَهَنَّمُ اليَومَ تَبْدُو
فِي الهِلالِ الخَصِيْبِ لاقَتْ مَحَلَّا
كَيْفَ أَمْسَى جِسْرُ الرَّصَافَةِ فِيْهَا
حَيْثُ تَرْعَى المَهَا بِبَغْدَادَ مَحْلَا؟
بَعْدَ مَعْرُوفِ الرَّصَافِي وَبَدْرٍ
وَالعَظِيْمِ الجَواهِرِي المَجْدُ وَلَّى
لَسْتُ أَدْرِي عَدْنَانُ أَيَّ رِيَاحٍ
عَصَفَتْ بِالعِرَاقِ شَعْباً وأهْلَا؟
أَرِيَاحٌ غَرْبِيَّةٌ قَدْ تَلاقَتْ
بِرِيَاحٍ شَرقِيَّةٍ لَيْسَ إِلَّا
وَجَدَتْ أَمْرِيْكَا لَدَى الفُرْسِ ثَأْراً
فَتَوَارَتْ سِيَاسَةُ الغَرْبِ عَدْلَا
أُمَّةُ العُرْبِ فِي لَظَاهَا اسْتَكَانَتْ
بَلْ أَرَاهَا فِيْمَا جَرَى تَتَسَلَّى
وَالجِهَادِيُّ يَسْتَطِيْبُ جِهَاداً
فَمَضَى بِالعِراقِ نَهْباً وَقَتْلَا
قَدْ تَولَّى ابْنُ لادِنٍ وِزْرَ هَذَا
وَارْتَقَاه الظَّوَاهِرِي ثُمَّ أَعْلَى
فَإِلامَ العِرَاقُ دُونَ رِفَاقٍ
يَمْلِكُونَ الزِّمَامَ فِعْلاً وعَقْلَا؟
حِيْنَ كَانَتْ بَوَّابَةَ الشَرْقِ كَانَتْ
فَارِسٌ شَرقَ شَطِّهَا تَتَفَلَّى
ذِكْرَيَاتٌ لِلقَادِسيَّةِ تُدْمِي
جَبَهَاتٍ أُنُوفُهَا تَتَدَلَّى
يَا عِرَاقاً بِأَمْسِنَا رَمْزُ مَجْدٍ
عَرَبِيٍّ بِأمَّتِي يَتَجَلَّى
يَا بِلاداً لِلرَّافِدَيْنِ تَسَامَتْ
بِالحَضَارَاتِ نَهْضَةً فَمَحلَّا
هَلْ تَعُودُ العِراقُ للعُرْبِ حِصْناً؟
فَتَعُودُ العِراقِ فِي العُرْبِ أَغْلَى
قَدْ عَرَفْتُ العِرَاقَ حِيْنَ شَبَابِي
نَبْعَ فِكْرٍ يَرْتَادُه العُرْبُ نَهْلَا
يَا لَشِعْرِي أَكَانَ يَبُدُو مَرِيْضاً
حِيْنَ قَالُوا إِنَّ المَرِيْضَةَ لَيْلَى؟
لَسْتُ أَدْرِي عَدْنَان عِيْدَان إِنِّي
سَائِلٌ هَلْ تُجِيْبُ بِالشِّعْرِ كَهْلَا؟
** ** **
(*) الشاعر العراقيُّ الدكتور عدنان عيدان التقيتُه في المؤتمر الدوليِّ الثاني للُّغة العربيَّة في دبي في 27-30/ 5/ 1434هـ فتحدَّثنا في هموم لغتنا العربيَّة وفي الثقافة والأدب والتاريخ وفي أوضاع العراق السياسيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة آنذاك وفي عصوره العربيَّة الأولى فكتبتُ قصيدتي أعلاه في مساءٍ متأخِّر من ذلك اليوم فتحيَّة له وللعراق يوم نشرها.