أبهجني كثيراً ما تناقلته وسائل الإعلام من أمر خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- للمبادرة في علاج الأديب البارز الأستاذ عبدالكريم العودة في ألمانيا إثر ما أصابه في غربته من ألم في قلبه.
عبدالكريم العودة وفيٌ مع كثيرين، فهل حانت ساعة رد الجميل إليه؟ وأن يقوم الجميع تجاهه بما يجب.
فهو وفيٌ مع عائلته وأهله وذويه وصحبه، يتضح ذلك في رحلته العلاجية مرافقاً لأحد المرضى.
وهو وفيٌ مع أصدقائه حيث انبرى واجتهد في دفعهم إلى التقنية دفعًا، واستثمارها لنشر إبداعهم، على حين غاب هو على هذا النحو، فأسس مواقع مميزة لعدد من المبدعين، ومنهم محمد الثبيتي -رحمه الله-.
وهو وفيٌ مع جيل الكبار، ويتضح ذلك في صلته المميزة مع الشيخ عبدالكريم الجهيمان وحرصه على إعادة إنتاجه من خلال تأسيس موقعٍ خاص به.
وهو وفيٌ مع مبادئه إذ ظل فترة طويلة من الزمن، وهو يعطي إعلامياً وثقافياً عطاء كبيراً، ورعى كثيرين شاء الله أن يتجاوزوه في الحضور الإعلامي والبريق، وظل اسمه محفوراً في ذاكرة راصدي حياتنا الثقافية الأدبية بوصفه واحداً من أبرز المؤثرين في مرحلته.
وهو وفيٌ مع مجتمعه وشروطه الثقافية الحالية، حيث يضع نفسه تحت طلب عدد من أصدقائه في المؤسسات الثقافية ليشترك ما وسعه ذلك في اللجان وبعض الأعمال، حتى وإن كانت مرهقة له، وقد سعدت بالشراكة معه في عضويات في وزارة الثقافة والإعلام والنادي الأدبي بالرياض، وكان يغالب ألمه ويحضر لعدد من هذه الفعاليات.
ومع هذا كله، فعبدالكريم العودة أهمل إنتاجه الإبداعي المميز، ولم يتوفر على جمعه فضلاً عن تصنيفه وتسويقه، فالعودة الذي يقول:
لأنت المواويل للبحر، إن هدأ البحرُ
أنت السكينة للنخل، إن أثمر النخلُ
أنت العصافير تجمع أعشاشها في الحديقة
هو شاعر بارز في العطاء ضعيف في متابعة شعره أو جمع إنتاجه، وقد نشطت في فترة من الزمن بالتواصل معه والتعاون الزميلة أ. ليلى الإحيدب، والزميل أ. عمر عبدالرحمن، علمت أن عندهما من شعره أكثر مما وجدته عنده من شعره وإبداعه، وما زال سؤال ديوانه الشعري حائراً بين الأصدقاء ممن يعرفون عبدالكريم وشعره، وهي فرصة لتذكير الجهات الثقافية بمثل هذا العمل، وذلك بعد أن نهض الأصدقاء باتجاهه وعلى رأسهم الرجل النبيل أ. عبدالله الناصر الذي حرك الموضوع بمقالته الأولى مع وأصدقاء آخرين.
هذه كلمات عابرة، وليست مقالة متكاملة، ولكني أردتها قبلة على جبين الصديق العزيز أ. عبدالكريم، وأدعو الله أن يكون هذا العارض الصحي عابراً، وأن يمنّ الله بشفائه سريعًا، وأتطلع إلى أن تنهض المؤسسات الثقافية والإعلامية بمهامها في البحث الجاد حول مسارات مبدعينا الكبار الذين قدموا جهداً مميزاً، وتوقفوا لأي سبب؛ لنكون أوفياء معهم كما كانوا أوفياء مع حركتنا الثقافية، ولنتذكر قول الشاعر العربي:
أبعد موتيَ تنعاني وتندبني
وفي حياتيَ ما زودتني زادا؟