في رحلة البحث عن عبدالكريم العودة إلكترونياً، ربما يصدمك محرك البحث أنه لا توجد هناك نتائج، وربما أحالك إلى رابطين أو ثلاثة لن تجد فيها ما يشبع نهمك تجاه هذا الاسم الرمز، لعل أحدها رابط ترجمته في معجم البابطين الشعري، الذي كعادته لا يمنحك مزيد تفصيل عن نتاج الشاعر وحياته بل يكتفي بسيرة خاطفة ونموذج أو نموذجين من شعره.
المؤلم في وضع شاعرنا عبدالكريم العودة هو أنه ظل لسنوات قريباً من عوالم التقنية والمواقع الإلكترونية وإدارتها ويشرف على مواقع رفاقه ويحدثها ويزودها بالمواد والجديد، لكنه لم يفعل ذلك مع نفسه ولم يجمع شتات ما كتب، ولم يطبع ديواناً حتى اللحظة.
إن جيلاً كجيلنا نحن الشباب لم يطلع على تجربة الشاعر عبدالكريم العودة وربما لو سألت أحد الشعراء الشباب لأجابك أن هذا الاسم لم يمر على ذاكرته من قبل، كل ذلك لأن العودة آثر الركون إلى صمته، وترك الساحة لغيره وقد كان ملء السمع والبصر، شاعراً وكاتباً وصحافياً ومطلعاً على المشهد وأحد أعمدته شعراً ونثراً.
إن كل ما تلمحه في كتابات أصدقاء الشاعر عبدالكريم العودة عنه هي شخصيته التي رسمت ملامحها داخل كل من جايله ورافقه في رحلة الكتابة على مدى سنوات طوال، الشخصية الفذة التي لا تنسى واللغة الشعرية الفارهة العصية على النسيان، والبيان النثري المليء بهموم الناس وتطلعاتها، والسخرية التي يصل إلى أقصاها حين يلامسه ألم وإحباط.
الثقافية اليوم تقدم هذا الملف البسيط، الذي ترجو أن يكون جزءاً من البلسم الذي يساهم في شفاء هذا الرمز الشعري الكبير عبدالكريم العودة، والشكر لكل رفاق الشاعر ومن عرفوا تجربته عن قرب لاستجابتهم، ولعل الحروف هي خير ما يمنح لشاعر كانت ولا تزال تجربته موضع اعتزاز في خارطة شعراء وكتاب هذا الوطن الكبير.