Saturday 01/11/2014 Issue 449 السبت 8 ,محرم 1436 العدد

حَفِيْدَتِي الشَّاعِرَة

هاتفتْني ذاتَ مساءٍ في الأسبوع التالي لعيد الأضحى حفيدتي ذات السبع السنوات رتالُ هاني أبالخيل ابنة ابنتي الكبرى رامة لتخبرَني أنَّها صرفتْ نظراً عن أن تكونَ طبيبةً كخالتها الشَّمُوس، وأنَّها تَتَمنَّى أن تكونَ شاعرةً كجدِّها، وأنَّها ستطلعني على أشعارها حين تزور بيت جدِّي.

تُمَنِّي نَفْسَهَا بِغَدٍ رِتَالُ

بِأُمْنِيَةٍ يُكَوِّنُهَا الخَيَالُ

لِتَرْسِمَ مِنْ مَشَاعِرِهَا ضِيَاءً

بِإِحْسَاسٍ يُلَوِّنُه انْفِعَالُ

فَتَكْتُبَهَا عَلَى الآفَاقِ شِعْراً

يُضَاءُ به الزَّمَانُ فَلَا يُزَالُ

وَيَنْشُرُه عَلَى الدُّنْيَا غِنَاءً

تُرَدِّدُه السَّحَائِبُ وَالجِبَالُ

فَيَسْرِي للخَلائِقِ فِي الأَمَاسِي

شُجُوناً فِي مَعَانِيْهَا اتِّصَالُ

فَيُسْعِدُهَا وَيَطْرُدُهَا هُمُوماً

يَضِيْقُ بِهَا التَّجَمُّلُ وَالجَمَالُ

تُحَدِّثُ أُمَّهَا فِيْمَا تَمَنَّتْ

حَدِيْثاً حَائِراً وَبِه سُؤَالُ

إِذَا أَمْسَيْتُ شَاعِرَةً كَجَدِّي

وَكَالخَنْسَاءِ وَهْيَ لِيَ المِثَالُ

أَمِثْلُهَمَا سَيَرْوِي النَّاسُ شِعْرِي

وَيُكْتَبُ عَنْه فِي النَّقْدِ المَقَالُ؟

وَتَنْشُرُه المَجَلَّةُ يَومَ سَبْتٍ

فَتَقْرَأُه الشَّقَائِقُ وَالرِّجَالُ

وَفِي أُمْسِيَّةٍ أُلْقِيْه فِيْهَا

مُسَامَرَةً فَيَتَّسِعُ المَجَالُ

فَيَفْخَرُ حِيْنَهَا وَطَنِي وَجَدِّي

بِشَاعِرَةٍ يَنَادِيهَا رِتَالُ

إِلَيْكِ حَفِيْدَتِي يَا بِنْتَ بِنْتِي

شُعُورِي وَهْوَ فَخْرٌ وَاحْتِفَالُ

قَرَأْتُ مَلامِحَ الإِبْدَاعِ ضَوءاً

بِعَيْنَيْكِ احْتَفَتْ فِيه الظِّلالُ

وَمِنْ كَلِمَاتِكِ النَّشْوَى شُعُوراً

شَمَمْتُ عَبِيْرَ شَاعِرَةٍ يُسَالُ

كَأَنَّ سِنِيَّكِ السَّبْعَ اسْتَمَدَّتْ

نُبُوغاً شَاعِرِيّاً لا يُنَالُ

وَلَكِنَّ احْتِمَالاً قَدْ تَرَاءَى

تُبَشِّرُ فِيه للرَّائِي الخِصَالُ

وَأَحْسَبُ أَنَّه سَيَكُونُ يَوماً

فَمَا هَذَا عَصِيٌّ أَو مُحَالُ

إِذاً فَلْتُوقِظِي الدُّنْيَا بِشِعْرٍ

فَصِيْحٍ حِيْنَ يُنْشَدُ أَو يُقَالُ

وَلا تَسْتَعْذِبِي النَبَطِيَّ شِعْراً

فَذَلِكَ قَالِبٌ فِيه اخْتِلاَلُ

وَكُونِي مِثْلَ جَدِّكِ جَدَّ نَقْداً

لَه فَلَه بِسَاحَتِه نِضَالُ

فَعَصْرُكُ يَا رِتَالُ يَمُورُ جَهْلاً

فَلا مَيْنٌ بِهَذَا أَو جِدَالُ

وَجِيْلُكِ تَلْعَبُ الأَهْوَاءُ فِيْه

فَضَاقَتْ فِي التَّوَسُّطِ فِيه حَالُ

إِذَا لَمْ تَفْضَحِي هَذَا وَهَذَا

بِشِعْرِكِ حَيْثُمَا انْسَاقُوا وَمَالُوا

فَأَولَى بَل وَأَسْمَى أَنْ تَكُونِي

بِمَوهِبَةٍ يُثَبِّطُهَا اعْتِزَالُ

بُنَيَّةُ طَبِّبِي فِي النَّاسِ مَرْضَى

وَبِالشِّعْرِ افِحَصِي فِكْراً يُحَالُ

يُطَبَّبُ بِالدَّوَاءِ الجِسْمُ فِيمَا

يُدَاوَى الفِكْرُ فِي شِعْرٍ رِتَالُ

- د. عبدالرحمن الواصل