هو من كتّاب الحداثة من جيل الشباب، قد نتفق معه ولكن قدّ نختلف، اشتهر ككاتب عزلة من الدرجة الأولى بعد تجربته في كتاب «بورتريه الوحدة» ثم «أرواح عارية» كتابان تصدّرا المشهد السعودي، وصدرت لهما اكثر من طبعة ، وعند سؤاله عن البدايات لم ينكر دور النادي الأدبي في الباحه في نجاح عمله الأول، وترك للقارئ أيضاً حرية تصنيفه ككاتب رواية أو قاصّ لأن القارئ بالنسبة له هو الحكم الأخير ، أيضاً هو كاتب مقالات رياضية وحسب رؤيته قد يكون الأدب مسرحا لترجمة الرياضة ، ففي الأدب كل شيء جائز .. وانكر ما نسب إليه في بعض المواقع أن كتاب « الحياة موتاً» يخصّه على الرغم من انه تمنى للحظات لو كان هو صاحب الكتاب، كان الحوار إنسانياً وروحياً بالدرجة الأولى أردت أن استكشف مع القارئ رؤية الكاتب ، أفكاره، ما تتضمنه أعماله.
كتبه من الكتب التي تلتهمها مرّه واحدة، عن الضجر والوحدة واللاجدوى ، أرواح عارية ثم بورتريه الوحدة، نجاحات متلاحقة في ظل نضوج القارئ السعودي ، ولذلك كان لنا هذا الحوار مع محمد حامد :
* بداية من هو القارئ الذي تستهدفه بكتبك؟
- الكتابة الموجهة هي وحدها من تعرف من تستهدف، وما أكتبه أنا عبثي، طالما أني تورطت في الكتابة فجأة، فأنا أعوّل على التخمين، على أن تصادف كلماتي أحداً وتجذبه أن يواصل القراءة لي، الأمر أشبه بوظيفة مهرج، لا يضمن قدرته على لفت الانتباه، ولا يعرف من يرغب في المتعة.
* تضمنت رواية «بورتريه الوحدة» بين فصولها أجزاء من أدب الرسائل أكثر منها سردا روائيا، لماذا اعتبرت كعمل روائي؟
- الرواية شكل إبداعي تحتمل أن يندرج تحتها أية حكاية. وما أعرفه أنه يوجد مساحة للتجريب، وفي رواية: بورتريه الوحدة، تعمدت تكنيك الرسائل، لأن الرسالة في الأصل هي فعل فردي، هي صوت واحد، وعندما أرغب في التعبير عن الوحدة بدقة تكون الرسالة الخيار الأول، على النقيض يوجد حوار، فعل المشاركة، وهذا لا يتناسب مع طبيعة بطل الرواية عندي. وحتى لا تبدو الحكاية مجرد شخصين يركلون الكلام بينهم مثل كرة تنس، أوجدت خطاً موازياً، كان يستعرض رحلة سفر، بين مدينة الطائف والرياض، ولم يكن الطريق يستوعب الكثير من الأحداث، ولكنه يستند على مواقف قليلة ظننت أنها تستحق الملاحظة.
* تكرّس لدى القارئ أن محمد حامد يحذو منهج «قاصْ» أكثر من روائي ، كيف تصنف أعمالك؟
- القارئ لديه الحق في التصنيف، ومن التجاوز أن أتدخل في موقفه مما أكتبه، إنما بالنسبة لرأي الشخصي عني فأختصره بالمحاولة، أحاول أن أكتب، أسمح للظروف والأفكار أن تسيرني، وأردد بيني وبين نفسي طيلة الوقت أن ما أفعله شيء طارئ، أريد أن أصل نقطة النهاية، حتى يصير ممكناً أن أتذوق الدهشة كل مرة، وأقول: أوّه لقد كتبت.
* اللافت في أعمالك، أن القارئ لا ينتظر حدوث شيء، هي حديث أرواح قد تحدثك بما تخالجك به نفسك ، بمن تأثر محمد حامد من كتّاب العالم العربي وروائيين العالم الغربي؟
- أنا لا انتظر أيضاً حدوث شيء، أنا مشغول بما يحدث، تفسيره، كيف يمكن التعاطي معه، وما الدافع خلف القيام به، وما يمكن أن أتعلمه منه. الحدث دائماً مختلف، الشعور متشابه، وأنا أميل للتأمل، مراقبة صورة مثبتة على الجدار، لشخص يفكر في القفز، ولا اذهب للسؤال هل قفز أو تراجع، أفكر لماذا يريد أن يقفز. بخصوص بمن تأثرت، فأنا متفاعل مع كل ما يصادفني، بداية من شجرة الحمّاط في طريقي للمدرسة، وصولاً إلى المقعد الفارغ الذي يجلس معي الآن بينما أكتبْ.
* لماذا لم يجد عمل «الحياة موتاً» صدى لدى القراء كبورتريه الوحدة وأرواح عارية؟
- أولاً: هذا العمل لا يخصني، هو مدرج تحت اسمي في موقع goodreads عن طريق الخطأ، ولا أعرف من قام بذلك. ثانياً: يراودني إحساس غريب كبر مع الوقت أن العمل يخصني بشكل ما، أراه إشارة لم أفهمها بعد، لغز خاص باسمي، يجعلني أفكر أن اسمي حتى ليس ملك لي وحدي، وأن ما أقوم به تطفل على قدر شخص آخر كان يحمل نفس اسمي.
* «الكتاب قد يجعلك حزينا بشكل أفضل» هل يناسب هذا الوصف طبيعة أعمال محمد حامد؟
- نعم، طالما أن قارئاً شعر بذلك فهو يعلم تماماً تأثير كلماتي عليه، وهذا لا يعني بالضرورة أن وظيفتي تخفيف الحزن، ولو أني أحب أن يكون بمقدوري عرقلة الحزن وتأخير وصوله، ولكني أقل من أن افعل، وأكتفي بما أقدر عليه. وأدرك حسب ما أختبره سابقاً وكتبته أني كنت منحازاً لصناعة رفقة، إضافة شخص وهمي بجوار شخص يعيش حالة وحدة.
* ما الذي قدمته الأندية الأدبية لك شخصياً ، وما دورها مع المثقف السعودي، هل ترى ما تقدمه كافياً؟
- لم أكن سآخذ الكتابة بجديّة، لو أنه لم يحالفني الحظ يوماً في مسابقة القصة القصيرة التي أقامها النادي الأدبي في الباحة عام 1429هـ، وحصلت على المركز الأول حينها، وأظن أنها المرة الأولى والوحيدة التي أكون في المقدمة. أما بخصوص دور الأندية الأدبية عطفاً على ما تقدمه فهو إنجاز محدود، لأنها تعيش في عزلة عن المجتمع، والشارع، والمثقف في صورته الأوليّة، باعتبار المواطن البسيط هو في الأصل نمط ثقافي.
* كتبت في تغريدة لك على تويتر: «أريد أن تصلني الآن كل الرسائل التي سبق وكتبتها، وسبق أن بعثتها، وبقيت واقفة في انتظار الوصول، وذبلت، وبردت» هل ترى أن الرسائل قادرة على إيصال ما يعجز عنه السرد الروائي والقصصي؟
- الرسالة: لوحة إرشادية، مختزلة على جانب الطريق. أمّا القصة فهي ومضة، نافذة لمحناها على جانب الطريق. الرواية هي الطريق، الرصيف والمّارة، الانعطافات والمواصلة. وفي تويتر أنا أتعمد التوقف، أخذ استراحة من الركض.
* ابتدأت رواية بورتريه الوحدة بِـ» أنا أكره المقدمات، تجعلني البداية في حالة توتر، كتائه يقف على مفترق طرق ولدية فرصة وحيدة لاختيار المسار الذي سيمضي خلاله» هذه المقدمة أسرتني كثيراً لدرجة أني أدرجتها في موضوع سابق «أجمل الافتتاحيات في المشهد الروائي السعودي» ما الذي يلهم محمد حامد على الكتابة والإبداع؟
- التيّه والضياع، الوحدة والحنين، الغياب والإياب، هي العناصر التي تُلهمني، أو بوصف أدق: هي ما يثير حاجتي للسهر، الجلوس في مكان منزوع منه الضجيج، والدخول في تجربة النسيان.
* محمد حامد كاتب مقالات رياضية، ما الذي يجمع الرياضة بالأدب؟ أيهما الهواية وأيهما الرؤية؟
دائما ما كان يثيرني أن تكون الحياة التي في الملعب مقيدة بالتسعين دقيقة، ومنذ بدأت أكتب مقالا رياضيا وأنا أتعهد بأخذ الملعب إلى الخارج، أسقط اللعبة على تفاصيل الحياة، أراقب لاعبا يركض ويجهل مثلي أنه بعد قليل سوف يقفز من الفرح، لانه سجل. أحب كرة القدم لانها حقيقة وتمنح فرصة ملاحظة الأشياء وهي تحدث في العلن، لقد مللت من أن تكون الحياة في الظل. وأعلم أنه تحد، أن أكتب مقالا رياضيا بشكل متمرد على المألوف، ولكني أراهن على الموهبة، الموهبة هي من تصنع لك جمهورا يحب العثور على لذة جديدة.
* ما جديد محمد حامد؟
لا شيء مكتمل، قائمة بالمشروعات الناقصة، المؤجلة، ما زلت أحتفظ بها ضمن أمنيات الغد، في لحظات متباعدة أعيد مطالعتها، أتأكد من حاجتها لأن أعود للبقاء بقربها، وأرجو أن يكون ذلك قريباً. شكراً بالمناسبة.
- بالنهاية لا أملك إلا أن أشكرك .