الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر2013
الصفحات: 150 صفحة من القطع المتوسط
يسرد الفنان التشكيلي العراقي يحيى الشيخ في هذا الكتاب؛ مسيرته الفنية و الشخصية؛ يقول:
«هنا إشارة مرور ملقاة على الأرض؛ هذا يعني أن أبقى حيالها في العراء؛ ليس في نيتي تحقيق سلطتي عليها أو رفعها لتشير إلى جهة ما.. لا أتوقع من ذاكرتي ما هو خارق ، ولا اكتشافات ما وراء العمر تغيّر موقفي؛ أنا أعرفها، كما أعرف أن الفشل نصيبي؛ لكنه فشلي أنا؛ رمادي ، ولن أمسحه عن جبيني؛ إنه مادتي الخام التي أقف بصددها؛ مشروعي الذي استهلكته في استيعاب الآخرين وفهم العالم؛ حطبي الذي دفأني ودفأهم، ربما أحرقهم بلا ذنب. الآن! حان وقتهم لاستعادة وجودهم في حياتي.أقصد ما تبقى من حياتي عليهم أن ينهضوا في دمي كما أتوقعهم أرواحا مهيبة تتكلم. من أجلهم ومن أجل نفسي ؛ سأتحلى بصبر باحثي الآثار وجلدهم ، وهم يمسحون التراب عن قطعة عظم بائد بفرشاة صغيرة.في هذا المنحى يبدو لي أن عليّ إنتاج ذات من طراز آخر؛ ذات متسامية تعاين ذاتها القديمة بعدالة ، وترمم ذاكرة بترت أطرافها ونجت بما تبقى؛ ذات لا تاريخية».
عاش صاحب السيرة متنقلاً بين المنافي (روسيا، سوريا، ليبيا، النرويج، الأردن)
و في سرد بداية اغترابه عن وطنه العراق؛ يقول:»قررت الخروج من البلاد في نهاية 77 والسفر إلى روسيا , بعد زواجي بعام وأربعة أشهر. خروجان في آن واحد: خروج من الدين, فزواجي من مسيحية في الكنيسة يعني إقصائي عن دين الصابئة, وخروجي من الوطن. لا وقت للتفكير الطويل في مفترق الطرق. المكان ضيق والزمان قصير, فسافرت وحدي وتركت زوجتي في شهرها السادس. بعد أربعة اشهر استقبلتها في مطار موسكو وفي حضنها طفلة ذات أربعين يوما. لم نعد للوطن حتى اليوم».
«و في نهاية 87 تم تأسيس كلية الفنون في طرابلس الغرب؛ كانت فرصة تناسبني وتبعدني عن عادات العمل وضائقة العيش. وفرصة أيضا لترك العمل السياسي والخروج من خنادق الحزب(الشيوعي)؛ لقد تعبت من تناقضاته السياسية وانهياراته الداخلية؛ فاحترمت عقلي وأمسكت بحياتي وغادرت بلا رجعة ( غادر دمشق هذه المرة )».
الكتاب سيرة مثخنة بالألم و البرد و الحرمان؛ تبدو في بعض فصولها و كأنها عملٌ روائي أصيل و في تفاصيلها الأخرى؛ تنهض لغة شعرية كثيفة.