(1)
ينقطعُ حبلُ النورِ الفضيّ فتشرقُ نيـّةٌ في العتمة، مثل عينيْ قطةٍ متلصّصةٍ ومتحفزٍة للقفز على أولِ عابرٍ، ربما كانت تبحث عن عدوٍ تنشب فيه أظفارَها، أو صديقٍ تقفز إلى حضنه بثقةٍ، تحيطه بدفء فرائها وقد تخنقه بكرٍة منه أيضًا، وما زال الحديث هنا عن النوايا لا عن القطط ! قد لا تقتضي العتمة معنىً مظلمًا برغم غيابِ الضوءِ، فالكثير مما يُجترح على قارعةِ النهارِ أشدُ وطأةً من الظلام وأسوأُ كيلةً!
(2)
تشبه الفراشةُ البطةَ السوداءَ، فالفراشةُ في بدايةِ دورةِ حياتها مجرد دودةٍ قبيحةٍ مخبأةٍ في شرنقةٍ تشبه قماط الأطفال، وحين تتحرّر من خيوطِها تبدأ في استعراضِ جمال أجنحتها التي تحلّق بها بتباهٍ وتعالٍ وإن لم تقصد إلى ذلك سبيلاً. والبطةُ السوداءُ التي قرأْنا عنها في الحكايات كانت قبيحةً تسخر أخواتُها من لونها لكنّها حين كبرت تحوّلت إلى بجعةٍ فائقةِ الجمال، كيف يمكن لبطةٍ أن تصيرَ بجعة؟ هذا حقًا شيءٌ غريبٌ لكنه حدث، في الحياة أيضًا قد نصادف من يبدأ دميمًا «ليس شكلاً بالضرورة» ثم يؤول إلى بهاءٍ، أليست العبرةُ بالخواتيم؟!
(3)
مثل حقٍ يسقط بالتقادم، يبهت الكائنُ المدعوّ «الأمل»، لا شيء يعيد إليه بريقَه، ولسنا ننتظر ذلك الفارسَ المغوار الذي يحمل سائلَ التنظيف «الثوري» بدلًا من السيفِ ليلمع لنا الآنيةَ كما يظهر في الإعلان التلفزيوني السمج ! لم يقصد عازفُ الناي حين اصطحب أطفالَ البلدةِ المأخوذين بسحر تقاسيمه معاقبةَ أهلهم فقط، بل كان يسعى إلى إنقاذهم من «أرض السواد» تلك إلى عالمٍ يزهو بقوس قزح، هل تتوفرُ نسخةٌ حديثة من هذا العازف؟!!
(4)
أتخيل أن سوريا تلعب «الغميضة» الآن، تغمض عينيها طويلًا وتبحث في عتمتها عن أبنائها، وتخمن كم عليها بعد أن تبقى مغمضة العينين كي يعودوا، «عينيها المغلقتين باتساعٍ» ! لا حاجةَ بها أن تتكّئ على جدار لتغلقَهما، تسير مثل زرقاءِ اليمامة بعد فقء عينيها متعثرةً بأنهار الأثمد، هي أيضًا بحاجةٍ إلى عصًا تكشفُ لها الطريق و»تلقف ما يأفِكون»!
(5)
هل يعقل أن يكونَ للغرابِ قلبُ حمامةٍ؟