الناشر: مركز الإمارات للدراسات 2013
الصفحات: 521 صفحة من القطع العادي
يتلخص مضمون هذا الكتاب في التأكيد على الأدوار والتأثيرات الراسخة التي تركتها قوارب الدهو (الشراعية) بين عموم ضفاف المحيط الهندي.
ويشدد الكتاب على أن تلك التأثيرات لم تقتصر على الجوانب التجارية والاقتصادية، وإنما تجاوزتها إلى الآثار الاجتماعية والثقافية التي شكلت الوجه الحالي للمنطقة. فقد نسج ملاحو الدهو وركابه على مر القرون وشائج اجتماعية وعرقية وثقافية بين أماكن انطلاقهم وثقافاتهم الأصلية من جهة، والأماكن التي كانوا يرسون عليها ويقيمون فيها انتظاراً لمواسم الرياح التي تُقلهم في ذهابهم وفي قفولهم من جهة ثانية.
لقد عمل هذا الحراك الدؤوب بين ضفاف وموانئ المدن المترامية على المحيط الهندي على تشكيل محددات وملامح الثقافة العالمية لعالم هذا المحيط.
ولئن كان للعرب نصيب وافر من الجهد المؤسس لهذه الثقافة، فإن الأمم الأخرى المتشاطئة على ضفاف هذا المحيط أسهمت هي الأخرى في رسم ملامح تلك الثقافة.
لم يكن الدهو فقط ذلك القارب الشراعي الخشبي ذا الشراع المثلث، الذي يحمل على متنه طاقماً منوَّعاً من البحارة والعبيد والمسافرين من وإلى شتى الأصقاع؛ والبضائع المتنوعة من التمور العربية، والأسماك المجففة، والأخشاب الهندية والأفريقية، والحبوب الغذائية، والبضائع القطنية الهندية، والتوابل الإندونيسية، والخزف الصيني، والعاج الأفريقي؛ لقد كان أيضاً وبشكل أكبر وسيلة حية للتفاعل الاجتماعي بين الشعوب المختلفة التي كانت تتبادل تلك البضائع.
كما أن تلك البضائع التي كان يتم تبادلها لم تكن سلعاً جامدة، إنما هي حاجات ضرورية ذات أبعاد ودلالات اجتماعية نقلتها معها من ثقافاتها الأصلية إلى الثقافات الفرعية الجديدة.
لقد استطاعت شبكة العلاقات التي نسجتها ثقافة الدهو، الحفاظ على جذور راسخة بين جنبات المحيط؛ وهي جذور لم تستطع خمسة قرون من الوجود الأوروبي إزالتها.
وعلى الرغم من قوة ذلك الوجود منذ القرن السادس عشر الميلادي، فإن الموانئ في غرب المحيط الهندي ظلت تعج بمراكب الدهو حتى خمسينيات القرن العشرين، حينما شكل اكتشاف النفط في الخليج العربي نقطة تحول بارزة في طبيعة الاقتصاد القديم، وما اتصل به من تفاعلات ثقافية واجتماعية واقتصادية.