Saturday 30/11/2013 Issue 419 السبت 26 ,محرم 1435 العدد

رفيف

قلق التأثر في ديوان (نهّام الخليج الأخضر) لأحمد العلي (3-6)

يبدو الشاعر أحمد العلي كما أشرت في المقالة السابقة مؤمنًا بأنه على الشاعر ألا يتوقف وألا يتلبث؛ فالرقصة الوجودية والرقصة الشعرية الجمالية القديمة عليها أن تنتبه لعشبة الحياة التي تضيء للفراش، وعلى الفراش أن يضطلع بمهمته!!

«عُشبَةُ الحياةِ تُنير فراشها لرقصتك القديمةِ»

تلك الرقصة الشعرية القديمة المؤرقة للشاعر لا بد أن تُستعاد لغتها بروح جديدة، تلك الرقصة وتلك اللغة التي خبأها جد سحيق في جوف الأرض، حتى وإن كان صرير مائها لغة لم يشهد هو قراطيسها (ينظر قصيدة يا هجر) ولعل في ذلك ما يفسر أنه يظهر في قصيدة (ظفار) بعد قصيدة (يا هجر) الجد الشعري مختبئًا خلف روح النص، وفي موجها. وهنا يظهر الشاعر الكبير محمد العلي في وعي أو لا وعي نص أحمد العلي، وفي هذا المقطع من (ظفار) حيث تلوح رموز قصيدة محمد العلي (لا ماء في الماء) واضحة في هذا المقطع؛ حيث يقول:

« أسرجي الخيلَ التي سرّحها آباؤنا في الموجِ

خبيئةً

ثُمَ اخطُري لي

ها أنا ذا

كُلّما تغضّنَ وجهُ الصُبح فوق أجنحتي

سرقتُ له الندى من كفوف الحجر

و ها أنا ذا

كُلّما احدودبَ ظهري

زرعتُ فيه نخلةً

وشيّدتُ منارة «(4)

وإذا كان قد لاح قلق التأثر والرغبة في تجاوز -حتى لا أقول قتل- الأب الشعري في قصيدة الافتتاح وفي القصيدة الثانية المعنونة بـ(الشاعر) حيث يقول:

«وقُل للورق: أنتَ طينٌ في يَدي..

أكتنهُ النقيضَ بوجهكَ

وأُعيدُ ما احترق».

فما ذاك إلا لأن أحمد العلي - وإن أهدى ديوانه للشاعر الكبير محمد العلي معتبرًا إياه النهر الجوفي - يرى أن طين الشعر وإن كان إرثًا مشترك المعنى إلا أنه أيضًا إبداع فردي، وفي هذا الضوء يمكننا أن نفهم ما كتبه على الغلاف الأخير للديوان حيث راح يشرح معنى كلمة نهام في نوع من الإضاءة على الدلالات المختلفة لمادة نهم والتي يختتمها بقوله: «يا ابن منظور: ليس الشاعر من يجد لسفينته محيطًا بل الذي يحفر محيطه بيديه حقًا، المعنى خلق واللغة موروثة».

فاطمة الوهيبي - الرياض Rafeef2010@gmail.com