Saturday 30/11/2013 Issue 419 السبت 26 ,محرم 1435 العدد
30/11/2013

المسرح السعودي في الكتب والدراسات (1)

حظي المسرح في المملكة العربية السعودية بالعديد من الدراسات والكتب التي تناولته بالبحث سواء من الناحية التاريخية أو الفنية ونحن هنا نسلط الأضواء على هذه الكتب والدراسات ونعرضها للقارئ الكريم ونعلق عليها ونحاول أن نصحح ما جاء فيها من أخطاء أو مغالطات تاريخية حسب ما توفر لنا من معلومات صحيحة وموثقة مع التأكيد على أهمية تلك الكتب والدراسات وما بذل فيها من مجهود بحثي من قبل القائمين عليها:

(1) المسرحية في الأدب السعودي لعبد الله الماجد

نشرت هذه الدراسة في مجلة قافلة الزيت – العدد الثامن – المجلد الثامن عشر شعبان 1390هـ أكتوبر 1970م ص ص 42- 44 تعد هذه الدراسة أو المقالة من أقدم ما عثرنا عليه من دراسات حول المسرح في المملكة العربية السعودية والتي استهلها الكاتب ببيان إشكالية ضيق ميدان التجربة في التأليف المسرحي في المملكة الذي يقر بأنه ليس بعيداً عن الإشكالية في الأدب العربي بشكل عام ويستشهد في ذلك بقول توفيق الحكيم: (( إن أدبنا العربي لم يعترف بالأدب المسرحي قالباً أدبياً إلى جانب المقالة والمقامة إلا منذ سنوات قلائل أيضاً.)) ولكن الأستاذ عبد الله الماجد يشير أيضاً إلى إشكالية أخرى أعاقت ظهور المسرحية في أدبنا ألا وهي:

عدم وجود مسرح يستهلك ما يكتب من مسرحيات وكذلك عدم الاهتمام بالقالب المسرحي من جانب الأدباء والكتاب أنفسهم.

وتكمن أهمية دراسة الماجد هذه إلى أنه أشار إلى أن بعض التمثيليات الإذاعية والتلفزيونية وبعض الروايات والقصص أعيد كتابتها مسرحياً، ويخص بالذكر روايتي الأستاذ الراحل حامد دمنهوري ((ثمن التضحية)) و ((مرت الأيام)). بعد ذلك يذكر عدة أسماء أدبية لامعة ساهمت في كتابة المسرحية أمثال أحمد عبد الغفور عطار، وإبراهيم الناصر الحميدان، وخالد خليفة، وعبد الله بوقس، وسميرة بنت الجزيرة، ومحمد إسماعيل جوهرجي، وحسن عبد الله قرشي. ثم يستعرض بعض نتاج كتابنا في هذا المجال فذكر: أحمد عبد الغفور عطار ومسرحيته الهجرة، بالإضافة إلى ترجمته لمسرحية الزنابق الحمر لطاغور1371هـ، والمفتش لقوقول 1385 هـ. ثم يقدم قراءة لمسرحية الهجرة وهي مسرحية تاريخية من فصل واحد تروي قصة هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى يثرب. وقد أشار إلى أن هذه المسرحية ظهرت لأول مرة عام 1366هـ ثم أعيد طباعتها ضمن كتاب قطرة من يراع عام 1375هـ. ويشير الأستاذ عبد الله الماجد إلى ملاحظة مهمة حول هذه المسرحية وهي أن مؤلفها بدلاً من أن يطلق عليها اسم مسرحية أطلق عليها: ((تمثيلية من فصل واحد وسبعة مناظر)) ويعزو الأستاذ الماجد ذلك إلى أن الوعي المسرحي العربي كان في ذلك الوقت متأخراً رغم صدور عدد من المسرحيات في مصر ثم إنه لم يكن هناك مجال في الإذاعة والمدارس وغيرها للمسرحية، بعكس التمثيلية بالإضافة إلى أن كلمة مسرحية كانت جديدة في عالمنا العربي في ذلك الوقت كما يرى الأستاذ الماجد.

ينتقل الأستاذ الماجد إلى كاتب آخر وهو الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان وهو كاتب قصصي وروائي من رواد هذا الفن بالمملكة، إلا أنه يشير ولأول مرة إلى إسهاماته في كتابة المسرحية حيث يذكر عدداً من النصوص المسرحية التي كتبها الحميدان وهي: مسرحية متهم، ومسرحية ربيع العمر، ومسرحية عقاب، ومسرحية ضحية الثأر وهي مسرحيات مستوحاة من التراث الشعبي أما آخر مسرحية كتبها (حتى تاريخ نشر تلك الدراسة) فهي مسرحية الصفقة المحرمة والتي يذكر الأستاذ الماجد أن إبراهيم الناصر أعدها عن قصة له بنفس العنوان. بعد ذلك يقدم لنا الأستاذ عبد الله الماجد قراءة لمسرحية المتهم وهي أولى المسرحيات التي كتبها الحميدان وهي كما يشير كتبت عام 1382هـ/ 1963م.

النموذج الثالث الذي قدمه الأستاذ عبد الله الماجد في دراسته هي الكاتبة سميرة بنت الجزيرة وهي رائدة من رائدات الأدب القصصي والروائي بالمملكة العربية السعودية لها عدد من المجموعات القصصية ومنها مجموعة قصصية ومسرحية بعنوان (وادي الدموع) والتي جعلتها مؤلفتها في أربعة فصول وهي كما ذكر الباحث في عرضه لها: تعالج بعض المشاكل الاجتماعية التي كان يعاني منها المجتمع في البلاد مثل تعليم الفتاة والمسرحية وهي من نوع الدرامة الواقعية.

وتكمن أهمية دراسة الأستاذ عبد الله الماجد (المسرحية في الأدب السعودي) في أسبقيتها وريادتها كدراسة نقدية (نحسب ذلك لكونها أقدم دراسة نتمكن من الحصول عليها) بالإضافة إلى المعلومات القيمة التي أوردها وخصوصاً عن إبراهيم الناصر الحميدان ومؤلفاته في المسرح والتي لم يتم التطرق إليها في الدراسات اللاحقة سواء أرخت للمسرح السعودي أو الدراسات النقدية التي قدمت عنه، بالإضافة إلى إشارته المهمة عن مسرحية وادي الدموع لسميرة بنت الجزيرة (سميرة خاشقجي). ولكننا نجد أن الكاتب أغفل شخصية مهمة في تاريخ الأدب المسرحي بالمملكة ألا وهو الأستاذ حسين سراج والذي يعد أول من نشر نصاً مسرحياً في تاريخ الأدب السعودي وذلك عام 1932م. في حين نجد أنه قدم ملاحظات نقدية مهمة أثناء قراءته لنماذج من نصوص المؤلفين الذين ذكرهم مثل قوله عن مسرحية متهم لإبراهيم الناصر: (وفي هذه المسرحية القصيرة وفق إبراهيم الناصر إلى اختيار البطل، فقد اختار بطلاً يدافع عن القيم الإنسانية، وكذلك وفق في تصوير المشاهد والشخصيات واختيارها. وتعد مسرحيته هذه من نوع ملهاة الطباع تهل عيبها عادة، وتصدر في أقوالها دون وعي منها بما ترتكب من أخطاء، وهذا نوع من التصلب في إهمال النظر إلى المجتمع. كذلك ما ذكره من ملاحظات على نص مسرحية وادي الدموع لسميرة بنت الجزيرة حيث يقول: ( هذه المسرحية وإن كانت فكرتها جيدة فالبناء الفني فيها متضعضع متداع وحبذا لو اعتنت الكاتبة بتوزيع الحوار والمشاهد وذلت مزيداً من البراعة في اختيار ما يلائم كل موقف من الحديث.