Saturday 28/12/2013 Issue 423 السبت 25 ,صفر 1435 العدد
28/12/2013

الرأي والرأي المتطرف

قبل أيام كنت أتصفح الفيس بوك ولفت نظري وجود صورة لصاحب الحزام الكاتب الكبير أحمد أبو دهمان فدخلت..

وكانت الصفحة لأخي أحمد صالح الشهري وكان يشيد بالحزام وبأحمد أبو دهمان، ومن وجهة نظره فالحزام هي الرواية الوحيدة التي تستحق أن يُفخر بها داخل المملكة العربية السعودية.

استفزني رأي الشهري وكنت أول المعلقين وكان تعليقي يستنكر رأيه بشدة ثم توالت الردود وكانت كلها ضد رأي الأستاذ أحمد الشهري وتحول النقاش إلى هجوم على صاحب الصفحة، وكان رده دفاعيا إلى جانب تمسكه برأيه وردودنا هجومية مع تمسكنا برأينا وعلمت مؤخرا أنه حذف الصفحة التي دار بها ذلك الحوار المتطرف. الحقيقة أنني وبعد ساعة أو أقل من مشاركتي ذلك الهجوم على الرأي الآخر توقفت مع نفسي وتساءلت هل فعلا أنا أحترم الرأي الآخر؟!!

الإجابة طبعا (لا).. أنا أتحدث كثيرا عن حرية الرأي والرأي الآخر وعن استيعاب الآخر وعن قبول الآخر وعن الدفاع عن حرية الرأي الآخر. لكنني وفي واقع الأمر أجد نفسي متحيزة لرأيي في بعض الأحيان، وهذا حقي ولكن الذي ليس من حقي هو الدخول مع الآخر في حوار لإقناعه بأن رأيه خطأ ورأيي هو الصحيح

هذا يسمى تطرفا وهو لا ينطبق عليّ وحدي بل ينطبق على كثير من المدافعين عن حرية الرأي والرأي الآخر وأخص منهم الكتّاب والمثقفين والإعلاميين في الوطن العربي وهذا يلمسه من يتابعهم يكفي أن تشاهد برنامجاً واحداً يجمع بين رأيين مختلفين لضيفين محترمين حتى تعرف أننا لا نسمح للآخر حتى بطرح رأيه.. المشكلة أننا لم نعتد ثقافة الرأي الآخر وما نقوم به ما هو إلا محاولات لإقناع أنفسنا وإقناع الآخر بأننا أصحاب ثقافة واسعة وصدور واسعة تحتضن وتحتوي كل الآراء بما فيها الآراء الأخرى! لدينا جهل بهذه الثقافة ولدينا تطرف وتزمت وعناد ولدينا نبرة مرتفعة حادة ولدينا تشنج ليس فقط من رأي الآخر بل ومن الآخر الذي له خط مغاير لخط سيرنا في الحياة.

أنا أكتب هذه المقالة القصيرة لسببين الأول: كي أقدم اعتذاري لأخي أحمد الشهري لأنني تعاملت مع رأيه بفوقية وصنفت نفسي بالفقيهة في أمور الأدب والأدباء وحددت منهم الأهم ومن هم الأقل أهمية وسلبت حقه في طرح رأيه فيما يراه الأفضل.

السبب الثاني: إنني أود الاعتراف بتطرفي الحاد في طرح رأيي ومصادرة رأي الآخر.. وأتمنى مستقبلا إصلاح ما أفسدته ثقافتنا وتربيتنا وأتمنى فعلا أن أستوعب الآخر وأن أدافع عن حقه في طرح رأيه وأتمنى أيضا أن يملك المتطرفون من الكتّاب والمثقفين والإعلاميين الشجاعة بالاعتراف بهذا الجانب المظلم من شخصياتهم التي من المفترض لها أن تكون تنويرية لا إرهابية ولا أبالغ حين أقول إرهابية فممارسة دكتاتورية الرأي الواحد تؤدي دائما إلى التصادم والفرقة والهدم.

- دبي @amerahj