Saturday 28/12/2013 Issue 423 السبت 25 ,صفر 1435 العدد

أبيض غامق

بالتأثير الطبيعي!

(1)

الإنسان المُخَفَّض: الذي أكلت الناس والحرب والقطط عشاءه وأحلامه وشجره, وشربوا عليها من دمه. ثم حين أعاد تفريش أيامه وجد نفسه تحت سطح البَر والبحر والناس والبرد, يلعب بحبل الفقر لعبة فقز الحبل: « شَبَرا يا أمَرَا يا شمس نجوم.. كواكب هوا.. نلعب سوا»!! والمهم والغريب أنه كلما أوشك السقوط قفز!

ما معنى أن أكتب عن إنسان مخفض بعيد!؟ ما معنى أن ينأى بصبره هو!؟ وما معنى أن تمر ببال الذاكرة الآن أم علي (القهوجية) حين مرّت سيدة تنتعل حذاء يرتفع عن الأرض 7سم ولم تُسلّم عليها! لعلّ لها العذر وأنا ألوم أيضاً. إنه الارتفاع عن سطح البَر و البحر والناس مقدار 7سم!

(2)

لأنني أكره طلاء الأظافر البغيض و (CHANEL N 5) ومشتقاته كرهاً غير معتدل ولا منصف, لا يعني بالضرورة أنني متأخرة عن ركب حضارة (الفاشن)!! ما يصطلح عليه الأغلبية لا يعني بالضرورة مرة أخرى أنه الأعجوبة التي صُنعت لمرة واحدة وضاعت ورقة المكونات بعد ذلك. فدون مساس بالمُسَلمات العقدية, كل أشياء الحياة تقبل التقويض, والرفض, والقبول, والاتفاق, والبناء من جديد, أو التعديل على قائم سابق, ومحو الخط الرفيع الذي يظهر كلازمة تربط الأشياء ببعضها, وتتكرر وكأنها تُقْنع نفسها أولاً ثم تؤكدها بعد ذلك. تماماً كالرائحة المزعجة لي في كل مرة من الاختراعات (الشانيلية)!!

(3)

ثمة جوهريات يجب أن تبقى بخواصها الطبيعية كخاصية فيزيائية لم تكتشف. أو حالة من التسامي تقفز المرحلة المائعة. لأن شيئاً مثل الصفاء الضميري يتطلب حماية زجاجية من وحل السائد كنبتة نادرة, أو طفل حديث الحياة.

الحُب كذلك, كونه قيمة أرحب من أن يكون بالمفهوم الصغير جداً المنمط في صورة فوتوغرافية لرجل يمسك بيد امرأة عادة. _وإن كان هذا نتفة منه هو أرحب بكثير من أن يخْضَع لهذه الشرشرة بالتفنيد المستمر وترتيب قطع الأحجية في كل كرّة. القيم الكبرى تحتاج أن تمتصها الأرواح بكل مقاساتها, أو تُنْقَع بها لعلها تشقق ويخرج منها الماء.

(4)

لكل صورة أي صورة مضمون فكري ومضمر روحي وطابع كُونت به ومن أجله. حتى الصورة اللحظية التي تلتقطها أعيننا, لها أبعادها النفسية والمعرفية والتأثير الآني إلى مسافة ما. والذي قد ينمو لاحقاً فينا دون أن نتذكر, أو إلى أن تُشيح إلى لقطة أخرى. الحياة صورة سينمائية يومية في لقطات فسيفساء بالتأثير الطبيعي. ولا أنماط بديلة إلا التأثير الخاص الذي نصنعه على هذه الصورة والذي يأتي بمثابة رشة السُّكر الأخيرة. فن صنع هذه الصور بكل مُتاحاتها للشاعر مثلاً يختلف كبيراً عنه لدى مصور ماهر أو رسام أو كاتب.... حتى الإنسان اليومي البسيط الذي يلتقط صوراً ليجرب صلاحية الكاميرا و يتسلى باللعب في تجريب خيارات التعديل.

نورة المطلق - الرياض