Culture Magazine Saturday  28/09/2013 G Issue 413
الملف
السبت 22 ,ذو القعدة 1434   العدد  413
 
إبراهيم القاضي..
ابن «عنيزة» الذي صنع اسمه في التأريخ الهندي

 

حديثنا هو عن إبراهيم بن حمد العلي القاضي أحد أبناء نجد وعنيزة تحديدا الذين ولدوا ونشأوا في الهند ويعتبر أحد كبار المخرجين المسرحيين في الهند وأكثرهم تأثيرا خلال القرن العشرين حسب تعريف موسوعة ويكبيديا الشهيرة وقد أطلق عليه الأب الروحي للمسرح الهندي الحديث، إضافة إلى كونه رساما ومصورا ومهتما بالتراث والثقافة والمقتنيات والصور النادرة وأستاذا بارزا للدراما في الهند تتلمذ على يده كبار الممثلين ونجوم السينما ومؤسسا لعدد من المؤسسات الثقافية وأحد أهم الشخصيات الثقافية والفكرية في تاريخ الهند الحديث.

أسرته:

والده هو حمد العلي القاضي وهو أحد تجار نجد وعنيزة بالتحديد الذين قضوا حياتهم في التنقل بين دول العالم بين باكستان والهند وتركيا والكويت وأخيرا بيروت للعمل بالتجارة حيث كان يتيما من أم من عائلة العثيمين وأخوه من الأم -أي عم شخصيتنا- هو سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي أحد أكبر رجال الدين في نجد.

وقد أرسله أعمامه إلى بومباي تحديدا حيث بدأ حياته بالعمل لدى أحد أفراد عائلة البسام في تجارة الشاي قبل أن يشق طريقه في تجارة الشاي والأقمشة وغيرها.

وقد استقر فترة من الزمن في الهند وفيها ولد ابنه إبراهيم عام 1925م في مدينة بونا التي تبعد ما يقارب 150 كيلومترا عن مدينة بومباي وترعرع ونشأ بين ثمانية من الإخوان منهم سليمان وهو أحد أكبر رجال الأعمال بالكويت حاليا وباسل وهو فنان تشكيلي يعيش حياته حاليا بين أوروبا وأميركا وكذلك منيرة وهي فنانة تشكيلية كذلك وآخرون، أما والدته هي من عائلة النصار من الكويت. وقد تزوج إبراهيم من الهند بمصممة تدعى روشان شاركت في تصميم جميع أزياء مسرحياته وأنجبا كل من آمال وهي مديرة الكلية الوطنية للدراما حاليا وفيصل ويعمل كذلك في الإخراج المسرحي.

تعليمه وتشكيل ثقافته:

كان تعليم والده حمد ذاتيا وينشئ مكتبات في أي مكان يستقر فيه وقد جلب لأبنائه مدرسا للعلوم الإسلامية والعربية من السعودية وعاش معهم كأحد أفراد العائلة في منزلهم. وكان الأبناء لا يحظون بقدر كبير من الراحة حيث يعودون من المدرسة ليجدوا أمامهم حصصا أخرى من التعليم مع مدرس اللغة العربية والدين في المنزل مما ساهم في تشكيل قاعدة صلبة من العلوم الإسلامية لديهم إضافة إلى اللغة الانجليزية والفرنسية التي تعلموها في المدرسة.

ويذكر إبراهيم أن أحد المؤثرين في حياته كان المسؤول عن المكتبة في مدرسته الذي شجعه على المشاركة في المسرحية السنوية للمدرسة بين عمر 9 و 14 عاما.

وكذلك أثرت في مسيرته الفعاليات التي كانت تقام في مدينة بونا التي لعبت دورا كبيرا في حركة الاستقلال التي كانت على أشدها حينذاك. ثم انتقل إلى بومباي للدراسة في كلية خافيير وفيها تعرف على سلطان بادامسي وهو أحد أساطير المسرح الهندي وكان هذا أحد أهم الأسباب لانخراط إبراهيم في مجال الدراما والمسرح ومن ثم تزوج إبراهيم بأخته.

علاقته بالمسرح:

يعد إبراهيم القاضي رجلا ذا مواهب متعددة فهو مخرج وممثل ورسام ومصور فوتوغرافي وكان له دور كبير في الحراك الثقافي في الهند. كما يعتبر المؤسس الحقيقي للمسرح الهندي بشكله الأكاديمي الراقي المتطور، وعندما يذكر المسرح الهندي يرِد اسم القاضي مباشرة على أذهان السامعين حيث ألف وأخرج أكثر من 50 مسرحية لم يمل المشاهدون من حضورها ولم ينسوها بالرغم من مرور الوقت، وقد تتلمذ على يديه أكبر المخرجين والممثلين في الساحة الدرامية والسينمائية والمسرحية في الهند.

وقد بدأ مسرحياته بتمثيل شخص واحد ثم تدرجت إلى اثنين فثلاثة وهكذا وأصبحت معاييره تتطور من مسرحية إلى أخرى، حتى وصل لمرحلة أداء وإخراج مسرحيات شكسبير بكل سلاسة وسهولة وبلغة سليمة.

في بومباي نفذ مسرحيات كثيرة باللغة الانجليزية بدعم من الجالية الفارسية لأن لهم شغف بالمسرح وهي منوعة ما بين مسرحيات هوليوود والكوميديا وصولا للكلاسيكيات, وبعدها بدأ يبحث عن مواضع الضعف فيما يقدمه فأحس أنه يجب أن يبحث في جذور الثقافات التي ينتمي لها لينشئ مسرحاً مستقلاً ذا هوية وبصمة واضحة، وكان لوالده فضل كبير في ذلك حيث دعمه ووفر له مكتبة كاملة من الكتب العربية النادرة في الهند والتي تحوي أمهات كتب الأدب العربي.

وعندما لاحظ والده شغفه بالمسرح قرر إرساله لبريطانيا لدراسة المسرح في الأكاديمية الملكية للفن الدرامي التي استقبلته بأذرع مفتوحة، وبعد إنهاء دراسة المسرح عاد إلى دلهي وهناك عمل أعمالا مسرحية كثيرة وكانت على مسارح للآخرين وكانت معمولة للمسرحيات الترفيهية والكوميدية الخفيفة حتى شعر بأن الوقت قد حان لعمل مسرح مستقل خاص به ووجد دعما كبيرا وشخصيا من رئيس الوزراء في ذلك الوقت حيث كان وقتها في زيارة لبريطانيا وقابله وطلب منه العودة للهند وعمل فرقة مسرحية وترك له الحرية في اختيار من يعمل معه وعند عودته لدلهي استقبل استقبالا كبيرا وأعفي من رسوم افتتاح المسرح وتلقى المساعدة على عمل مكتبة مسرحية ملحقة به ليبدأ العمل على المسرح الجاد على أسس أكاديمية علمية تراعي أصول المسرح العالمي من (أضواء وصوت وملابس ...الخ)

ومن ثم بدعوة من وزارة التعليم الهندية وافق إبراهيم القاضي على قيادة تأسيس وإنشاء الكلية الوطنية للدراما التي أصبحت فيما بعد تقدم شهادات وتدريبا لمدة ثلاث سنوات على مختلف فنون العمل المسرحي وجذبت طلابا من مختلف أنحاء العالم وساهم إنتاج الكلية في الثورة الثقافية في العاصمة دلهي وتأسيس مسرح وطني حقيقي. وكانت مسرحيات القاضي تتميز بأنها ذات رؤية واحدة متكاملة بفضل المواهب المتعددة التي يمتلكها من إخراج ورسم وتمثيل وتصوير، كما كان أول من قام بتنفيذ مسرحياته في الهواء الطلق حيث أن طبيعة الجو في الهند تعتبر بيئة مناسبة لذلك.

كان رئيس الوزراء الهندي في ذلك الوقت مهتماً بالثقافة وكان دائما ما يحضر مسرحيات القاضي مذهولا بما يقدمه فقدم له بدوره الدعم من مختلف نواحيه، وكان زوار الدولة من رؤساء حكومات وعلية القوم ومشاهير العالم يأتون لحضور مسرحياته لقيمتها الفنية ولرقيها ولفخر الحكومة الهندية وإيمانهم بما يقدمه إبراهيم القاضي، وقد أشرك كبار الممثلين الهنود في مسرحياته وبعضهم بدأ مسيرته من مسرحه ثم انتقل للسينما وبعدها انتقل لهوليوود.

القاضي رساما:

أقام إبراهيم القاضي الكثير من المعارض الخاصة بأعماله الفنية في الهند والمملكة المتحدة وكذلك سلسلة من المعارض التعليمية بعنوان «هذا هو الفن الحديث»، ومنذ عام 1977 كرس وقته واهتمامه لتشجيع الفنانين والمهتمين بالفنون البلاستيكية في جهد حثيث لتوسيع رقعة محبي الفن المعاصر وأطلق عددا من المشاريع التبادل الثقافي الدولي والجوائز والمطبوعات. وفي 1986 أنشأ مركز الفنون الدولية المعاصرة في نيويورك وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى ترسيم جهوده الطويلة في تشجيع رواد الفن المعاصر لمواصلة سعيهم نحو التميز والتفوق.

الاهتمام بالنوادر التراثية:

بدأ القاضي اهتمامه بجمع القطع التراثية والصور الفوتوغرافية النادرة حينما كان يتلقى تعليمه في لندن وأنشأ معرض الفن التراثي عام 1978 بالتعاون مع زوجته روشان وكان ذلك نابعا من اهتمامهم بقضية الفن المعاصر وتشجيعه وأقام ونشر أكثر من 150 معرضا ومطبوعة ودعم الكثير والكثير من المواهب الشابة وشجعها ونشر أعمالها. وكذلك أنشأ مؤسسة القاضي للفنون في نيودلهي وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى حفظ مقتنياتها من الصور النادرة والتراثية التي يزيد عن عددها عن 90 ألفا جمعها إبراهيم القاضي خلال ثلاثين عاما لخدمة الباحثين والمهتمين، وتعنى بأرشفة مقتنياتها مراعية في ذلك الأهمية التاريخية والقيمة المستقبلية في قادم الأيام، وهي مقامة على مبنى من 3 طوابق وفي كل طابق مكان مخصص للقراءة يستخدمه الباحثون وتحتوي على آلاف الكتب النادرة عن التاريخ الهندي ويتم تحديثها شهريا.

***

الجوائز

حاز إبراهيم القاضي على العديد من الجوائز المحلية والدولية ومن ضمنها:

- جائزة بي بي سي للبث من بريطانيا عام 1950

- جائزة بادما فيبوهشان للفنون عام 2010 وهي ثاني أعلى جائزة مدنية على مستوى الهند وتسلم من قبل رئيس الهند شخصيا للفائزين.

- جائزة بادما بوشن للفنون عام 1991 وهي ثالث أعلى جائزة مدنية على مستوى الهند.

- جائزة بادما شري عام 1967.

- جائزة هارموني للتراث عام 1999 وذلك عن إسهاماته في الثقافة الهندية.

- زمالة أكاديمية سانجيت ناتاك من يد الرئيس الهندي.

- جائزة تنوير سمان.

- جائزة كاليداس سمان عام 1986.

- جائزة آيبسن النرويجية لكتاب المسرح.

- جائزة راتان سمان الهندية.

- جائزة غورو شيشيا.

- جائزة انديرا غاندي مقدمة من المؤسسة الهندية للفنون والتراث الثقافي.

- جائزة حكومة دلهي للإنجاز.

- جائزة جامعة بهارتي في كلكتا.

- جائزة فارس الفنون والكتابة من الحكومة الفرنسية وهي أعلى جائزة ثقافية في فرنسا.

جمع وبحث وترجمة:بدر بن حمد القاضي - BaderAlkadi@ تويتر - bader.alkadi@gmail.com ساعد في الترجمة من الهندية:أسماء بنت ناصر الراجح

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة