شهدت بعض جلسات المؤتمر الدولي الذي عقد في رحاب جامعة الملك سعود منذ يوم السبت 6-4-1434هـ حتى يوم الأربعاء 10-4-1434هـ، وتبين لم شهد هذا المؤتمر الدولي توفيق من أوكل إليهم أمر تنظيمه فجاء على مستوى من الجودة التنظيمية التي لم أر مثلها من قبل، فالمؤتمر خصص له موقع في العنكبية متفرع من موقع جامعة الملك سعود، ظهر بأبهى حلة وأجود مظهر وأثرى محتوى، إذ بيّن محاور المؤتمر وجدول المحاضرات واللقاءات، وعين مواقعها واحتوى على جميع البحوث التي قدمت إلى المؤتمر وقبلت للنشر في كتابه، سواء منها ما ألقي في المؤتمر أم اكتفي بنشره، وكان كتاب المؤتمر مطبوعًا قبل افتتاحه؛ إذ تسلمه الرواد منذ اليوم الأول، فلا يكاد الزائر يسجل اسمه وبياناته حتى يتقدم إلى لجنة أخرى تسلمه الكتاب مع حقيبة تضم جملة من المطبوعات التعريفية بالمؤتمر، وظلت اللجنتان تعملان إلى آخر أيام المؤتمر من دون كلل أو ملل والابتسامة تزين أفواه الشباب المشاركين في هذه الأعمال الجليلة، أما قاعة حمد الجاسر فكانت مكتظة بالمشاهدين من الضيوف المشاركين من داخل المملكة وخارجها، ومن طلاب جامعة الملك سعود وغيرها من الجامعات السعودية، تسنى لي أن ألتقي ببعض الأعلام الذين قرأت لهم وتتلمذت على أعمالهم الجليلة منهم الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بودرع من المغرب والدكتور غانم قدّوري الحمد من العراق.
وليس من شك أنّ من خطط لهذا المؤتمر أدركوا أنّ الدراسات القرآنية بما هي جهود إنسانية تحتاج إلى التطوير على الرغم من جهود السابقين المشكورة، وينال التطوير المضمون والوسائل، وغني عن القول إن الوسائل الحديثة بالثورة التقنية والإعلامية تهب فرصة للإجادة والنشر، وإن كانت مجالا للخطأ أيضًا بسبب انفلاتها من الرقابة المعتمدة، وقد يكون كثير من هذه الأخطاء محفوفًا بحسن النوايا، وقد أدرك المؤتمرون ذلك فدعوا إلى شيء من ردّ الأمور إلى نصابها وأن يوكل الأمر إلى أهله، ولكن هيهات في عالم تقني عالميّ المصادر والموارد، وإنما يبقى الوعي هو الرائد للمتوجه أن يعي بمن يثق ولمن يتوجه.
طرحت أفكار كثير منها معاد لا جديد فيه، وأفكار غريبة تقف وراءها العواطف لا العقل المتدبر، من تلك ذهاب من ذهب إلى أن رسم المصحف توقيفي ينتهي أمره إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كالقراءات القرآنية أنفسها، ومن المعروف أن رسم المصحف هو اجتهاد بشري حسب معرفة الكتبة في تلك الأيام للخط الحجازي؛ ولذلك ساغ بعدُ أن يناله التطوير من نقط إعجام ونقط إعراب حتى صار إلى ما صار إليه الآن.
بقي أن أتوجه بالشكر لكل من شارك في هذا المؤتمر من باحثين ومديرين، وأخص بالشكر الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري الذي تردد اسمه غير مرة في قاعة حمد الجاسر ثناءًا عليه وشكرًا لتفانيه في الأداء، وإنك لتراه متنقلا من جهة إلى جهة، وإنه ليلقى كل الزوار بابتسامته ويقبل عليه كأنه أهم زائر للمؤتمر، ولا شكّ عندي أنّ المؤتمر الناجح إضافة جديدة إلى جملة أعمال جامعة الملك سعود الرائعة.
- الرياض