من الذي سيشعر بما كنت ستشعرين به الآن يا ابنتي لو أنك نظرت إليه!! هل كنت ستموتين مرّة أخرى؟! جائتني أختي. كيف سأرفض طلبها وأنا أختها الكبرى؟! طالما كنت لهم أماً بعد رحيل أمنا. أقنعتني، أو هكذا تظاهرتُ، بحضور زواج ابنها الذي أعتبره واحداً من أبنائي، وطالما تعوّدت أن أتظاهر بموافقتي على ما يريدون.
نظرتُ إليه مقبلاً في بهجة العريس فهاج تاريخٌ راحل، إنه زوجُك يا ابنتي، بطل حكايتك، كنت أنظرُ إليه لأتذكّر أيامك الجميلة، حكايةَ حبكما التي تناقلها الأولاد والفتيات في العائلة.
تذكرت ذلك اليوم الذي جاءت فيه أختي لتخطبك مني، تذكّرتُ ليلةَ الحناء، والثوبَ الأخضر المطرّز بخيوط الذهب الذي ألبستك إياه، ونقش الحناء على كفيك الطريين، وطوق الريحان يتوّج شعرك الناعم. ولدَك البكر، ابنتَك الأولى، بقيةَ أولادك، رحلتَكما إلى الحج حين كنت برفقتكما.
تذكّرت مرضك، وقوفه إلى جانبك، سفرَكما الطويل في رحلات العلاج، انتظاري لعودتكما محتضنة أبناءكما. أتذكّر التدهور المفاجئ لصحتك ثم رحيلك.. في كلّ التفاصيل التي تذكّرتها كان محمّد بجانبك وأنتما تمثلان محورَ الحكاية، كان معك دائما.. العاشقَ والزوجَ المضحّي..
وها هو سيظهر لي بعد قليل في صورة أخرى لم تخطر ببالي ذات يوم. صورة أخرى لستِ معه فيها، ظننت أن الصورة ستبقى فارغة حين تفرغ منك، ظننتها ستفرغ منه أيضاً بعد أن أودعناك التراب، لم يخطر ببالي أنّ الصورة ستعيد توازنها سريعا بعد أن مال أحد جانبيها، لم يخطر ببالي أن الفراغ سيمتلئ سريعاً بامرأة أخرى.
- ما الذي حدث يا خالتي؟! لماذا تجلسين وحدكِ في الخارج؟ الجميع يبحث عنك، نريد التقاط صورة جماعية مع العروسين، الصورة لا تكتمل إلا بك!