لطالما بقبقتُ مرددة صدى صوتهم: الأحمق كيت وكيت.. لطالما لعبتُ على نفسي وحمّلتها قاسيا وثقيلا حين حسبتُ بأنه لابد أن تخلو من حمق.. لطالما أسرفتُ في حق الحمق ذاته حين ظننتُ بأن كل خطأ وتوابعه يرسف في قيد الحمق فقط..!
أيتها الثقافة.. أيها الرواة القدماء والمؤلفون والمحققون والأدباء والشعراء.. لقد أضللتم أنفسكم وأضللتم خلقا كثيرا.. لقد طمستم – ولا يعنيني طمسكم أبعمد أم بدون عمد لأن النتيجة واحدة والضرر واحد - جزء كبير ومهم من الحمق - إن سلمنا بتسمية كل نقيصة وجريمة بالحمق - وأظهرتم منه الجزء التافه والأوضح والأقل ضررا..!
الأحمق لفظ «موشوم» عُلِّقَ به كل خبيث من الأخلاق والأفعال والأوصاف.. الأحمق الوصف الأمثل لكل إنسان نكرهه أو لا نفهمه.. الأحمق لبوس من فئة «مقاس واحد» لا يمانع أن يتمدد أو يتقلص حسب الطلبية..!
الحمق صنف واحد ؟
الحمق صفة سطحية بسيطة بالنسبة لما هو أعظم منها وأعمق وأخطر.. ورغم ذلك لُبِّسَ الأمر وألحق الأعظم بالعظيم.. ودُّك الحمق وحده ؟
أوسم كل نقص وخطأ بـ»الحمق» كان عادلا.. أم أن الحمق ظُلِم بجعله اسما ووصفا لما ليس له.. بل لما هو أشنع منه وأعظم وأعدى وأجرم؟
خاتمة..
مصيبتنا وداهيتنا في حمق ثقافيّ وسلوكيّ أتقنّاهما حدّ الاحتراف..!
حدّ الجريمة...