Culture Magazine Thursday  23/05/2013 G Issue 407
فضاءات
الخميس 13 ,رجب 1434   العدد  407
 
وتم العناق..
وكأنها نظرات تائهة تدعي الإبصار
حسن علي البطران

 

حينما تُطرح في بعض التجمعات الثقافية والأدبية بعض الحوارات في موضوعات شتى ومتداخلة، تجد نفسك في وسط كم هائل من المصطلحات والمعلومات، نتيجة مجموعة من المداخلات الثرية، التي قد تزيد من المحصلة الثقافية التي تمتلكها، وقد تخرج من هذه الحوارات والنقاشات بعض النظرات التائهة والفضولية إلى جوانب بعيدة، ربما لا تحمل نفس الهدف والغاية، ولكنها قد تلتقي في محطات تقاطع ..! ومن خلال هذه التقاطعات تتمحور حتى تصل إلى درجة ولو بشكل بسيط من الانسجام، من أجل الوصول إلى غاية ما .. والأمر الذي كان مختلفاً مسبقاً أصبح قريباً من التوافق الظاهري، نظير مصالح مشتركة وأغراض ذاتية، تخدم كل طرف، رغم اختلاف التوجه العام لكل طرفٍ يحمل لوناً مغايراً عن نظيره الآخر ..

أسلوب المباغتة في الولوج إلى مغارة يتطلب جرأة وشجاعة، ولكن في فلسفة النظرات فإنها تتجاوز هذه المطالب، وتدخل بيوت الآخرين، رغم ممانعة أصحابها، ويعني ذلك إباحة الخصوصية وإحلال قيودها، وهذا خُلق في غاية الدونية، وفضول كهذا جريمة يجب أن يُعاقب عليه .. وإن كانت هنالك عوامل متداخلة فيما بينها تبقى الخصوصية فلسفة مقدسة، يجب احترامها، فهي أمر شخصي يتطلب عدم إقحامه من أي شخص مهما يكن، ولكن قد تذوب هذه الخصوصية في أمور ومواقف وظروف أخرى، تنعدم فيها الخصوصية كالنتاج الإبداعي حينما يخرج من الأدراج، ويطلع عليه الآخرون فحينئذ لم يعد له خصوصية سوى نسبته إلى صاحبه، وهذه الميزة ـ الخصوصية ـ تلاشت وانحسرت، وأصبح هذا الإبداع ملكاً للآخرين ملكية في حدود معينة : في فهمه وتأويله ونقده وإبراز قوته وضعفه شريطة عدم إقصائه، وبالتالي ليس هنالك من قوة محددة تمنع رأياً أيأً كان نحوهُ .. ومن هنا يتكامل الإبداع والمبدع من جهة والرأي الآخر من جهة أخرى، وبالتالي قد تتوافق أو تختلف تلك النظرات المناهضة أو المؤيدة، وقد تشكل بذلك مساحات واسعة على مسرح الحرية في تناول هذا الإبداع أو ذاك، وإن كان هنالك سوراً وسجناً داخله عنابر وأنفاق تحت الأرض، كما هي سجون العهد العباسي آنذاك، فالنظرات التائهة هنا تكون في غير محلها تارة، وفي تارة أخرى تكون مقنعة، وإن اختفت تحت نظارات سوداء داكنة، تنعدم فيها الرؤية ؛ رؤية العيون الباصرة أو من تدعي الإبصار والرؤية الناقدة .

Albatran151@gmail.com - الاحساء

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة