مطلع كل عام تفاجئنا وزارة الثقافة والإعلام بإعلان أسماء اللجنة الثقافية المشرفة على البرنامج الثقافي الخاص بمعرض الرياض الدولي للكتاب لتكون هذه اللجنة هي المخولة بصناعة برنامج ثقافي يليق وهذه التظاهرة الثقافية الكبيرة على مستوى بلد كبير بمؤسساته ومثقفيه وأجيال عديدة وشرائح مختلفة تزور هذا المعرض خلال الأيام العشرة التي تشرُف فيها العاصمة باستضافته، وليس غريباً أن تكون هذه اللجنة متنوعة الطيف، متعددة المشارب والآراء الثقافية التي تشكل هذا النسيج الثقافي الواسع، ولعل هذا مطلب لا بد أن يكون، وأساس لا مفر منه أو مهرب، ليخرج البرنامج مستوفياً لشرط التعددية الثقافية التي ينبغي أن تكون الوزارة أول من يدافع عنه، ولعل الوزارة تنجح في ذلك كثيراً كل عام منذ تولت هي الإشراف على تنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب، كما أن اللافت أن تكون أسماء اللجنة هي أسماء فاعلة وقريبة من المشهد الثقافي والفكري في البلاد، وتملك من الحضور ما يؤهلها لصناعة برنامج ثقافي يغطي مدة الأيام العشرة، يكون فيها حافلاً بالفكر والثقافة والحوار المتحضر، والاختلاف والجدل الذي يفضي إلى قيمة معرفية منشودة للزائرين والمتابعين.
الذي يقفز للذهن فور الحديث عن برنامج المعرض الثقافي هي كمية الجدل الذي يسبق إعلانه، ثم كمية الإحباط بعد إعلانه والتي لا تحتاج إلى مزيد تدقيق لتلمحها في متابعات المهتمين بشأن المعرض والمتصلين به إبداعاً ونشراً وشراء. السؤال الذي يجب أن تسأله الوزارة نفسها:
على الرغم من إمكاناتها اللامحدودة والصلاحيات التي تمنحها الوزارة للجنة الثقافية، إلا أن كل ذلك قد يذهب أدراج الرياح من هبة احتسابية أو موجة اعتراض على محاضرة أو ندوة فكرية!
فأين هو الخلل الذي يجب على الوزارة أن تعالجه ليبقى البرنامج مصوناً ضد أي اعتراض، وبعيداً عن إحراج الضيوف والأسماء الكبيرة التي تنوي الوزارة استضافتها، لمساهماتها الثقافية الكبيرة أو لما يمكن أن تقدمه من إضافة كبيرة للبرنامج الثقافي للمعرض.
القضية الأخرى التي يجدر الحديث عنها هنا هي البعد الجماهيري في البرنامج إذ لا يحظى «ثقافي» المعرض بالحضور الجماهيري اللائق، رغم الأعداد الهائلة التي تزور المعرض، ورغم القوة الشرائية التي يتمتع بها معرض الرياض بين معارض المنطقة والعالم، ولعل هذه القضية هي مدار الحديث لأعوام، لكن اللافت هنا أننا حين نقارن البرنامج الثقافي للمعرض بفعالية ثقافية أقيمت خلال الأسابيع الماضية كمثال فقط وهي فعالية «إقرأ» التي نظمتها شركة أرامكو السعودية في المنطقة الشرقية، وكان الحضور سمة المعرض الأبرز، فهل الإشكالية الفعلية هي في بعد الناس عن المؤسسة الرسمية؟ أم في عدم ثقتهم في برامجها؟ أم في أريحية البرامج الأخرى وتخففها من رسمية المؤسسة ؟ أم أن الوزارة عاجزة عن تسويق برنامجها التسويق الذي يواكب ضخامة الحدث منشغلة بتفاصيل أخرى إدارية وتنظيمية ؟
الأسئلة بين يدي الوزارة ولجنتها الثقافية، ففيهم الثقة وعندهم من الإمكانات والدعم ما يستطيع به البرنامج مجاوزة كل الأخطاء الصغيرة التي تشوهه وتربكه وتقف عائقاً أمام أن يكون البرنامج حديث كل زائر للمعرض، ليبقى أثره في مشهدنا الثقافي والإبداعي باقياً لا ينتهي.