خالف الأديب السعودي الأستاذ عبدالعزيز بن مهنا المهنا جيله الذين لازمهم السير في الميدان الإعلامي وذلك بتحوله للجيل الرقمي والعصر الحديث من خلال مواكبته لوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة بعد أن ترك الرعيل الأول في عالم الصحافة عبر زاوية «القلم الأبيض» التي تنقل بها في كل من, الحياة والرياض وعكاظ والجزيرة, ليفاخر اليوم بصفحته الأنيقة في الفيس بوك وحسابه في «تويتر» التي يضم فيها أكثر من عشر آلاف متابع ويقول المهنا: إن الكتابة في المواقع الإلكترونية لاينتهي تذوقها في نفس اليوم إنما يتفاعل معي القراء وتعاد قراءته من جديد في كل مرة يزورني فيها ضيف جديد أو حساب متابع للصفحة.
النخبوية
وانتقد المهنا الكاتب النخبوي الذي يصر على أن يبقى نخبويا من دون أن يتفاعل مع الشعب لأن مهمة الكاتب رفع مستوى الشعب. لذا تجدنا نتحدث معهم ولكن لأني نطقت هناك من استمع لي وهناك عند غيري الكثير لكنه سكت فمن أراد أن يبقى نخبويا يجب أن يعيش مع الشعب ويتلمس احتياجاته ينطق بها.
الابتعاث
كما حمل الكاتب والإعلامي عبدالعزيز المهنا الطلبة السعوديين من الشباب والشابات المبتعثين لعدد من الدول الغربية والشرقية مسؤولية الانخراط والتعايش مع الشعوب من خلال دخول عالم الرواية لتلك البلدان وتصوير المشاهد الاجتماعية والتعبير عن الحياة اليومية لتلك الشعوب واصفًا الرواية العربية بأنها موغلة في القدم منذ عصر فجر التاريخ حيث تم التعاطي بها من خلال الحروب وأثناء التناحر والسجال بين القبائل العربية، ثم تطورت بعد ذلك وأخذت قالبها في العصر الحديث حيث تعد الرواية اليوم متطلبًا تجسد امتدادا للتاريخ المتوارث.
الإقصاء
وأشار المهنا إلى أن كل مجتمع يقوم بعملية التغيير عبر الإقصائيات التي يمارسها لكونها تظهر على شكل روايات, مطالبًا أن لايكون هناك وصايات على الحرف ليكون حرًا خصوصًا وأننا نعيش في وقت شكلت فيه الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي مساحات رحبة واسعة جدًا.
وأضاف المهنا أن تفرعات الرواية تقاطعت بشكل وبآخر مع الأدب السياسي وذلك نتيجة تفاعل الأدب مع اللغة، وقد كان باكورة ذلك الرحلات الحزينة التي عاشتها بعض القبائل في السابق مع «الأرمينيين» وغيرهم من الشعوب.
وأكد المهنا أنه بعد ظهور العهد «الطالباني» في أفغانستان ظهرت هيكلة جديدة للرواية وكذلك الحال في المملكة العربية السعودية بعد ظهور الذهب الأسود «النفط» الذي أحدث تغيرات حضارية في وقتٍ ليس فيه للتباطؤ مكان، وهذا ماعبر عنها العديد من الكتاب في نصوصهم ورواياتهم.
شراء الكتب وقراءتها
كما يرى المهنا أن معارض الكتاب تشهد في السنوات الأخيرة إقبالًا كبيرًا جدًا من حيث حجم الحضور والزوار والمتسوقين لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل الكتاب الذي يباع في المكتبات يشترى؟ إذًا فهذه ظاهرة وليست وضعا مستمرا لأن أي معرض يقام وإن كان معرضًا استهلاكيًا ومستلزمات احتياجية يومية سيأتي من يشتريها مؤكدًا في الوقت نفسه أننا لا نعاني من أزمة قراءة هناك قُراء وقراءات كثيرة، فإنسان اليوم أكثر وعيًا وثقافة ويقرأ أكثر من ذي قبل، والطفل الذي عمره خمس سنوات حاليًا ليس الطفل قبل خمسين سنة. ودافع المهنا عن النقاد السعوديين رافضًا أن توجه لهم تهمة أنهم سبب تعثر المشهد الثقافي بسبب بعض آرائهم. غير أنه وصفهم بالمجاملين مما شوه فاعلية النقد، فالناقد حينما ينقد نصا شعريا لشاعر يعرفه فإنه يعطي في المقدمة ديباجة مدح، ثم يبدأ بالسلبيات، كما أنه يذكرها على عجل واستحياء, وزاد إن النقد ليس تجريحًا, مشكلتنا أننا لانفرق بين النقد والانتقاد عندما تعرض عملًا فنيًا للنقد فأنت تبين تسعيرته وليس معايبه, إننا نعطيه قيمته الأدبية فقط، كما دافع عن المذيعين السعوديين من جيل الشباب مطالبًا ألاتتم مقارنتهم بجيل الثمانينيات والتسعينيات من المذيعين ومقدمي نشرات الأخبار والبرامج المنوعة بحكم اختلاف الأدوات وتعاطي الإعلام الجديد مع لغة جديدة واكبها الإعلاميون اليوم.
التوزيع
ورفض المهنا إبداء ندمه على أي إصدار أنتجه غير أنه أبدى أسفه لكون كتبه لم تؤد الغرض الذي وضعت من أجله فا لكاتب يسأل نفسه هذا السؤال دائمًا بعد صدور أي كتاب له, وذلك من الهالة التي يضعها حول نفسه لظنه أن كتابه سيحدث فعلا غير طبيعي, ثم يفاجأ بأن كتابه وضع عند دار نشر ضعيفة ووزع بطريقة ضعيفة, مما يضطر غالبية الكتاب لتوزيع كتبهم بأنفسهم وللتعامل مع القراء.
وحول جديده ذكر»للثقافية» أنه لديه روايات وكتابا فلسفيا تحت الطبع وهو عبارة عن المتون التي تشرح بسطر بسيط «فلسطين الحاسة السابعة» لكيلا تنسى قضية فلسطين في الفترة القادمة في ظل الظروف الراهنة كما سيترجم الكتاب لعدد من اللغات العالمية وهناك رواية «الساحرة السوداء» وهي رواية تحكي عن قصة فتاة سمراء وضعت بمخيلتها أنها لاتتزوج إلا من رجل أبيض.
مراحل الإعلام
الإعلام السعودي مر بأربع مراحل الأولى ابتدأت منذ الثلاثينيات ميلادية حتى الخمسينيات ومن الخمسينيات حتى الثالث والسبعين ومن الثالث والسبعين إلى الثمانينيات، ثم بدأت الانطلاقة الأخيرة منذ أواسط الثمانينيات حتى العهد الإعلامي الجديد الحالي للإعلام السعودي، وكل مرحلة تختلف عن المرحلة التي تليها إذ تغلب على مرحلة البداية تباطؤ التأثير، كما أن الإعلام في ذلك الوقت يمشي ببطء لسيطرة الأمية ولصعوبة سريان ماء الإعلام في جسد المجتمع في تلك المرحلة الزمنية إذ لم يكن هناك استجابة للعروق الإعلامية في تلك الأجساد، ثم تغيرت الأجيال وظهر جيل جديد يواكب نوعًا ما مايعيشه العالم، كانت الاتصالات ضعيفة وعندما هضمت المملكة العربية السعودية مايدور بالمجتمعات الأخرى بدأت تتفاعل معها ثم مرت المرحلة الثانية التي أشبه ماتكون «بانكفاءة تأثير الثورات الدينية» التي ناقضت الواقع وخرجت عليه، وهو نوع من جذب هذا التطور للماضي الأمر الذي أحدث انعكاسًا ثم انتهى هذا الكابوس في أواسط الثمانينيات، ليظهر الإعلام الحديث الذي يؤمن بأهمية الحرف ومقدرته على التأثير، كما يؤمن باشتراك الآخرين في البنية الأساسية للإعلام السعودي حتى سيطر الإعلام السعودي على الخارج عبر عدة شبكات إعلامية ضخمة تدار برؤوس أموال وعقول سعودية مثل شبكة «إم. بي .سي - وشبكة روتانا» والقنوات الاثنتي عشرة التي أنشأتها الدولة وأصبحت الآن تتفاعل مع الإعلام العالمي وإن كان هذا التفاعل بطيئا لكن وضعنا الإعلامي على الأقل يعد أفضل من ذي قبل، وستكون الأجواء القادمة أفضل بكثير بعد ظهور الفتاة السعودية على الشاشة مقدمة للأخبار والبرامج المتنوعة بعد تلك الإشكاليات السابقة الملزمة على التخلف الإعلامي.
الرقابة
الرواية السعودية لم يتح لها الظهور لكون الإشكالية في السابق الرقابة، حيث كان الرقيب يمارس كتم نفس الرواية، أما الآن لم يعد هناك رقيب بعض ظهور الرواية في الكثير من الأماكن المخصصة لظهورها «الكتاب الإلكتروني» والذي سيكون كتاب العصر بعد انحصار الكتاب الورقي الذي يسير إلى التلاشي بعد عشر سنوات من الآن.