مررت به صباح من حياة، صباح شكسبير، وبرونتي، وتاريخ اكسفورد ، صباح تنقل الحضور فيه بين اللغة اللاتينية والفرنسية والإغريقية وهم يبحرون في تاريخ اللغة الإنجليزية . هذا الصباح نثر نسائمه
KSAALT
الجمعية التي سعدت بانضمامي إلى عضويتها مؤخراً، أما منظم هذا المؤتمر* المتميز فهم عدة جهات على رأسها المجلس البريطاني وجامعة اكسفورد للطباعة والنشر وعدد من المؤسسات البريطانية المختصة بتعليم اللغة الإنجليزية بالتعاون مع جامعة الدمام، فكان المؤتمر هدية قيّمة لمعلمي اللغة الإنجليزية والمهتمين باللغة الإنجليزية ، وخلال محاضرات المؤتمر استيقظت في أعماقي مشاعر أسى وشفقة تجاه لغتي الأم اللغة العربية، أسماء رنانة لمؤتمرات عن اللغة العربية هنا في وطني ، ولكن أوراق العمل والمحاضرات التي تقدمها تتنفس الملل والتكرار، وبرزت أمامي فعاليات اليوم العالمي للغة العربية 2013 والتي سينظمها أحد الأندية الأدبية التي أضحكتني ، فأنا لا أعتقد أن لا أحد يعرف علاقة اللغة بهوية البشر في الكون، فطالب الصف الرابع يعرف ذلك لتكون إحدى المحاضرات عن اللغة والهوية والانتماء، وأيضا لا أعتقد أن لا أحد يعرف منا نحن كعرب ومسلمين علاقة لغتنا بديننا ، طبعاً معلمو ومعلمات اللغة العربية في فصولهم يقبعون وليس لهم حضور في فعاليات المؤسسات الثقافية. أما في مؤسسات وزارة التربية والتعليم فتنطلق مهرجانات خطابية في المدارس يتعالى فيها خطب انفعالية تلمح من الحذر من لغة الآخر، وعلى الجدران تنتصب بوسترات كبيرة ملونة بلا روح، وبين كل ذلك يظهر صغار وناشئة يتعثرون في الكتابة والقراءة، ولكنهم يستمتعون بهذه المهرجانات لأنهم سيخرجون من الفصول، ويلعبون ويعودون إلى البيت مبكراً.
التفت إلى القاعة فرأيت رئيس الجمعية السيد وود ونائب الرئيس د. ازدهار حريري وكل فريق الجمعية ومتطوعيها يشرفون، ويتحركون هنا وهناك والابتسامة تعلو وجوههم رغم وجود (كراسي)، توحدوا مع الحضور، ولم يختبئوا في مكاتبهم (ببشوتهم ) ويغلقوا أو يلاحقوا لاحقوا عدسات المصورين .
امتلأت القاعة وهناك قاعة أخرى فتحت أيضا للجمهور، بدأ المؤتمر بمحاضرة السيدة جوهانا ستيرلنغ معلمة اللغة الإنجليزية ومدربة المعلمين ومستشارة اللغة الإنجليزية، تحدثت بأسلوب علمي وتربوي وثقافي شيق عن مهارة الكتابة في خلال ساعة واحدة طرحت الصعوبات والحلول والرؤى ومنها تحفيز الخيال الإبداعي، وذلك من خلال فكرة شاعر لدقيقتين وكانت تفوح من كلماتها شذى دعوة لتعليم ثقافي ترفيهي، انتقلت بعد ذلك إلى تاريخ اللغة الإنجليزية في نهاية جلسات المؤتمر ، عندما تحدثت جوهانا عن تاريخ اللغة الإنجليزية، كانت جوهانا تتحدث بحب وعشق وسلاسة، واحترام للغات الأخرى التي دخلت كلماتها إلى اللغة الإنجليزية .
أيضا اشتمل المؤتمر على محاضرة عن المعلم المؤثر وعن مسابقة التهجئة للمعلمين، تلك اللحظات اجتاحتني أسئلة كثيرة هل يقوم معلمو اللغة العربية من الجنسين بعمل مسابقة فيما بينهم في الإعراب أو الهمزات التي يخطئ فيها معظمهم ؟ ، وهل يعرف طلابنا عن تاريخ اللغة العربية، والكلمات التي ليست عربية، وتاريخ الترجمة وازدهارها في العصر العباسي منذ مراحل تعليمهم المبكرة، والترجمة الآن، وجهود المترجمين ؟ . تخيلت ماذا سيحدث لو منحنا طلابنا في الفصول دقائق لخيالهم في أن يكتبوا مقطعاً شعرياً أو يرسموا شيئاً ما، أو يطلقوا مقولات تتعلق بما درسوه في اللحظة ذاتها هنا ستظهر المواهب الأدبية والفنية والفكرية وسوف يحبون لغتهم ويعتزون بها بوعي.
هل يعرف طلابنا المساكين أسماء أهم الخطاطين الأوائل والمعاصرين وأيضاً الفنانين التشكيليين الذي تتشكّل لوحاتهم من الخط العربي والذي يشكل أبعاد لوحة فنية قائمة بذاتها . وهل أتت معلمة ذات صباح وقرأت أبيات قصيدة وتبسم يارا *، وتتبعت معهن مواطن الجمال في الحب الأبوي وعندما يصاغ هذا الحب شعراً، أو هل حمل معلم لوحة لخطاط أو خطاطة من المملكة أو خارجها ليروا جماليات الخط العربي.
هناك يعلّمون لغتهم الأم لطلابهم من خلال الأدب الذي يحفز الخيال وينمي الذائقة الجمالية، ويحمل قيم ومبادئ الإنسانية العالمية وينمي التفكير النقدي والإبداعي ، وليس كما أتذكر عندما كنت في الكلية كان معظم منهج اللغة العربية لأقسام العلوم واللغة الإنجليزية قصائد لشاعر عانى من النفي والاضطهاد والتعذيب. وأنا أودع أصدقائي من ( العالم ) لاحت لي ملامح شكسبير وابتسامة فرجينا وولف، وسمعت صوت مارك توين يعبر الممرات، في اللحظة ذاتها ظهرت الخنساء ونثرت عليّ سؤالها الحزين الذي لف المكان وهي تقترب مني وأنا أمسح عيني .
قذى بعينيك أم بالعين عوار!!!!!.
تساؤل ؟؟؟
لماذا لا يستفاد في المؤتمرات الخاصة باللغة العربية من خبرات الكتّاب والشعراء المبدعين من الجنسين، والذين مروا بالتعليم ذات يوم انسحبوا منه في وقت مبكر؟