بعد ألف ليلةٍ وليلةٍ من رحلة الصراع، اكتشفتُ أني درويش، وأن كل الكلمات لم تحيي ما انقرض، ولم تزح المرض، ولم تف بالغرض، كل الكلمات التي كنتُ أرتبها على طاولة الأحلام، بشكل أجمل كل مساء، وبلونٍ مختلف كل صباح، وبحلمٍ بريء عند كل أمنية، اجتمعت في آخر منعطفٍ.. وكوّنت تنظيماتٍ سريّة لمحاصرتي بأحدث أسلحة الجراح، وبسياجٍ من الآلام..
كنتُ عصفوراً يحاولُ بناء عشٍ مناسب لأناقته، وبساطته، وتغريده الذي يقدمه بلا مقابل، ولكنهُ أخطأ في اختيار الغصن، واكتشف بعد فوات الأوان أن عشه في منطقة الثعابين، وقبل أن يتخذ قراراً بالمغادرة، اتخذت الثعابين قراراً بالهجوم..
لم أكن أظن أن قلب الطفلِ سيصبحُ كرة بين أقدام الأيام، تساجلهُ بين عذاب وعذاب، وغياب وغياب، بلا مرمىً يصل إليه، وبلا حلمٍ في النهاية، فهو في حالة صرعٍ بلا سقوط، واحتضارٍ بلا موت..
كم فكرتُ بإعادة رسم الخطة، ولكني لم أجد قلماً صادقاً، ولا ورقة أمينة، ولم أجدُ مبرراً منطقياً، ولا عاطفياً، ولا خنفشارياً، فكل الطرق لا تؤدي إلى روما، ولا إلى مكة، وكل الأبواب التي تقبل الطرق، علّقت عليها لوحة موحشة تقول: «مغلق للصيانة ! ((..