Culture Magazine Thursday  18/04/2013 G Issue 403
فضاءات
الخميس 8 ,جمادى الآخر 1434   العدد  403
 
انطباعات أدبية
في معرض الرياض للكتاب
د. حمد الزيد

 

زُرت ـ هذا العام ـ للمرة الأولى معرض الرياض الدولي للكتاب، بدعوة شخصية كريمة من صديق نبيل ألح علي بالحضور، وكانت فرصة سانحة لزيارة الرياض بعد سنوات على غيابي عنها، وتجديد العهد بلامحها التي تتغير باستمرار ورؤية قلة من الأصدقاء والأقارب الكُثر فيها.

كان سكني الذي هيأه الصديق على مرآي من المعرض، وكان سائقه الخاص يمر بي صباحاً ومساءً لأخذي للمعرض وإعادتي للسكن، فقضيت وقتاً شبه كاف فيه، واشتريت مجموعة لا بأس بها من الكُتب حملتها معي في (كرتون) إلى جدة! ولكن كان أكبر كتاب حملته معي وزناً ومحتوى وعدد صفحات، هو ما أهدانيه أحد الأصدقاء في مناسبة عشاء عند صديق ثالث، وقد فرحت بهذا الكتاب رغم ثقل وزنه، بقي أن أشكر المُهدي مجدداً، وأقول إن الكتاب يقع في أكثر من ألف صفحة! وعنوانه (ملحمة التطور البشري) للدكتور سعد الصويان وموضوعه أنثربولوجي، وفيه مادة دسمة ومعلومات غزيرة في موضوعه.

أعود إلى أجواء المعرض، فقد صادفت الكثير ممن أعرف ومن لا أعرف وبعضهم أقابله لأول مرة على معرفة سابقة، وبعضهم عرفته ولم أره منذ سنين طويلة.

ووجدت أن الأخ عبدالله آل عزام قد وفى بوعده لي بالهاتف، ووضع ثلاثة من كُتبي في ركن المؤلفين السعوديين بل وقابلني بود ومحبة من يعرفني من قبل، وعرض على التوقيع في ركن المؤلفين فاعتذرت، وقدمني للزملاء في القناة الثقافية ( محمد الماضي ـ رئيسها وزملاؤه) ودعوني للظهور ومعي الأخ عبدالله في بث مباشر، وقطع أذان العِشاء لقاءنا، بعد أن ختمته بأبيات من شعري أحنّ فيها للطائف تلك المدينة التي تسكنني في الحل والترحال!، وقدمت في اللقاء القصير اقتراحاً للدكتور ناصر الحجيلان وهو الكاتب ـ المثقف ووكيل الوزارة للشؤون الثقافية بأن يكون ركن المؤلفين السعوديين أكبر مساحة مما هو عليه، وأن تشتري الوزارة ما بقي من نُسخ في الركن تشجيعاً لمؤلفيها، وتكون لفتة كريمة من الوكالة بدل أن تعاد لمصدرها.. وبعضها قليلة العدد.

أما المفاجأة الكبرى فكان سببها الأستاذ: عبدالله العزام، فقد كنا نتمشى وصادفنا في طريقنا رجلاً من هيئة الأمر بالمعروف عليه سيماء السماحة والوقار كما كان أنيقاً في ملبسه ومظهره، وأظن أن الأخ عبدالله يعرفه فسلمنا عليه وقدمني إليه، وأثناء الحديث شكرته على جهود الهيئة وتلطفها مع الناس، والوجه الحسن الذي تبدو عليه، بعد سنوات من سوء الفهم المتبادل بينها وبين المجتمع، فشكرني ودعاني لشرب فنجان قهوة في مكتبهم بالمعرض، وكتابة كلمة في سجل الزيارات، ورحبت بذلك ومشيت خلف العضو المحترم تاركاً مسافة كافية بيني وبينه بعد أن تملص مني العزام وتركني وحيداً أعالج موقفي! وكنت أتقصد أن لا يظن الناس ولا سيما من يسيئون الظن من الدهماء بأن الهيئة قد (كمشتني) لا سمح الله! الشيء الذي لم يحدث مطلقاً في حياتي والحمد لله، بل إن والدي رحمه الله كان رئيس مركز للهيئة في جهات عدة كالمويه ونجران وجدة، وهذا ما جعلني أدخل مكتب الهيئة بالمعرض مطمئناً وأكتب في سجلهم كلاماً جميلاً وأثني عليهم بما استحقوه، وبما رأيته، وبما ترمز إليه شعيرة الأمر بالمعروف دينياً واجتماعياً وتربوياً.

والتقط مندوب ومصور جريدة (الشرق) السعودية لي صورة بين اثنين من الأعضاء أثناء كتابتي لكلمتي، وظهرت الصورة مع خبر في الجريدة في اليوم التالي، فكان حدثاً تاريخياً يحدث لأول مرة لي مع هذا الجهاز الذي ذُكرتْ رسالته السامية في القرآن الكريم، وتطور أخيراً على أيدى رجال واعين مخلصين، ورئيس متحمس للتغيير نحو الأفضل.

ومن الطرائف في هذا الصدد أن أستاذاً سورياً كان يدرسنا تاريخ العصور الوسطى في كلية التربية بمكة سألنا في أول لقاء لنا معه عن مهنة أب كل طالب، ولما قلت له إن أبي يعمل في الهيئة ظن أنها هيئة الأمم المتحدة، وأصبح يوليني عناية خاصة!؟

وفي المعرض رأيت كُتباً كثيرة، والكُتب مثل الطعام المنوع المعروض في (البوفيه) يتناول منه المرء حسب رغبته ومزاجه وكفايته، ورأيت زحاماً أفرحني ولا سيّما من الجمهور، والطالبات والطلبة والشباب والشابات، وهذا في حد ذاته مؤشر جيد، فوجودهم في المعرض وإن لم يشتروا.. يدل على حبهم للثقافة والقراءة، ويعيد الأمل في نهضة التأليف ورواج الكتاب ويدل على ارتفاع نسبة الوعي والتعليم.

أما الأسعار فبين ـ بين ويحددها البائع بمزاجه، ولم أر تسعيرة أو رقابة على الأسعار ظاهرة، مما ذكرني بمقولة عالم الاقتصاد في القرن ( 18 ) آدم سميث: دعه ينتج.. دعه يمر!؟

وددت لو أن وزارة الثقافة والإعلام تتبنى مع القطاع الخاص معرضاً دائماً للكُتب، فبدلاً من أن يمر القارئ على عشر مكتبات يجدها في مكان واحد، وبدل أن تعود آلاف الكُتب لمصادرها بعد المعرض، تبقى في هذا المكان ـ أي المعرض الدائم المفتوح ـ حتى موعد المعرض القادم، وهكذا دواليك.

عموماً ـ فقد رأيت المعرض عُرساً ثقافياً، وتظاهرةً جميلةً للقراءة، ولم يسمح لي وقتي ـ للأسف ـ بحضور فعالياته الثقافية المصاحبة له.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة