علامة الصعود علامة الانحسار
ما كنا نعي أن شيئاً جذرياً يحدث، وإن تساقطت تعليقات عن تغيرات لدى الشباب، كنا بعيدين عن المجتمع حتى لم نك قادرين على التأكد أو النفي، ولكني صرت ألحظ أمراً ما يحدث في قاعات الجامعة، بدأ فردياً بواحد واثنين وثالث، شباب تركوا العقال وأطلقوا اللحية وقصّروا الثوب وتغيّرت مشيتهم ونظرات عيونهم، ثم أخذ الرقم بالازدياد ما بين فصل دراسي وآخر حتى غلب على القاعة، وتغيّرت الجريدة التي كان الطلبة يطوونها عند دخولي للقاعة، من (الرياضية) إلى (المسلمون)، ثم تغيّرت لغة الطلبة وعمرتها الإحالات الدينية وتراجعت رائحة السجائر وأعقابها في الممرات، وأخذت علاقة الطلبة معي تتحفز حتى قاربت التوتر المكتوم، كان هذا بداية 87، وظل الرقم يزيد ومعه زاد الصدود عني وعن محاضراتي خاصة الاختياري منها، ومر 10 أعوام لتأخذ الصورة خطاً عكسياً، وأخذت القاعات تتغيّر بتراجع تدريجي لعلامات الوجوه، هذا هو الحشد كما رأته العين وهو مشهد في صناعة العلامات من حيث هي صورة بصرية رأيناها في قاعات جدة والرياض 1407- 1417( 87- 97)، فيها صعود وانحسار، وهي ليست نهاية لكنها تبدل في العلامات أنتج معانيه من جهة وصاغ علاقاته مع نفسه ومع من هم خارجه اندماجاً أو توجساً، من جهة مصاحبة.